أكثر مقاربة يمكن أن تتحقق من الحكمة الصينية أن «الصورة تغني عن ألف كلمة» تلك التي تطرحها الإيرانية شيرين نشأت في مجمل منجزها الفوتوغرافي الذي جعل اللغة البصرية أكثر دلالة وأعمق صلة بين التلقي والموضوع. الدمام. سكينة المشيخص تحتشد صورة نشأت الفوتوجرافية أو المرئية من خلال منجزها السينمائي بكثير من الأفق الإبداعي الذي يجعل التميز عنوانا سائدا في كل أغراضها الفنية، ففي تلك الصورة تعبر عن فكرة انتحار شابة رافضة للزواج بسواد يغطيها وهي تسير على سطح مبنى تناظر الأفق بذهول بائن في محياها، وفجأة وكأنها هبطت من عل إلى أرض لم تتلق قطرة دم من جسدها، ولكنها تحيا وتواصل مسيرتها، وهذه «فذلكة» بصرية تقاوم معطيات الواقع لتجعل الصورة تجسيدا متكاملا لفكرة الفنان عن الموضوع. عوالم غير مكتشفة الأبعاد الدرامية في صورة نشأت لها كيانها الخاص، وكذلك صورتها الفوتوغرافية التي تجعل من يناظرها أمام أبعاد تتوالد كلما غاص في الصورة، وهي حبكة بصرية متقدمة تجعلها تقف موقفا فنيا عميقا في كتابة الصورة وليس مجرد التقاطها، فالأبعاد الفيزيائية ليست كلها الاشتقاقات المتاحة للفنان، وإنما عليه أن يذهب بعيدا إلى ما وراء الطبيعة أو الميتافيزيقيا على نحو ما تذهب نشأت، فهناك عوالم غير مكتشفة تتيح الصورة لها مسالك متعددة. بداية مبكرة بدأت نشأت علاقة إبداعية مع الصورة باكرا، كان آخرها عام 1997، وهي مجموعة صور وصفتها بأنها بسيطة باللونين الأبيض والأسود لمجموعة من الرجال، وهي تميل إلى هذين اللونين، وكأنها تختصر خياراتها البصرية والفكرية على السواء، ربما تريد أن تخفي شيئا ليكتشفه المتلقي، ربما كانت هناك ألوان غير مرئية، كثير من الأسئلة يمكن أن تطرحها صورتها، ولا تجيب. قد نجد التماسا لتجربتها في المراوحة بين الأبيض والأسود من واقع البيئة التي نشأت فيها، فهي من إحدى دول العالم الثالث المحكومة توتاليتاريا، أي شموليا، وذلك يقتضي بالضرورة نوعا من القمع الذي يجعل الفنان يتحايل ويراوغ للتعبير عن فنه والإفراج عن مواقفه الفكرية، أي أنها توفر قدرا من تلك المعاناة التي تولّد الإبداع، وليس بعيدا عنها أفغانستان وما كان فيها من عسف وتعسف في كل شيء. تناغم تجربتها السينمائية لا تنفصم عن الفوتوغرافية وفي كل تميزت وأجادت وقدمت أعمالا مهمة من واقع نشاطها الفكري والثقافي، وإلى حد ما السياسي، ولذلك اختارت حياة المنفى وعاشت في أمريكا لتقدم منجزا بصريا حاز العديد من الجوائز، فيما يزين أعمالها الفوتوجرافية كثير من أغلفة المجلات هناك، فصورتها إسقاط عميق لعواطف وانفعالات النفس، وقد تميزت ببعض الإراقات المحكية على الصورة بحيث تصبح اللغة المكتوبة مكملة لتلك البصرية المجردة، فهي أكثر من كونها صورة في سياقها الطبيعي وإنما تجربة واقعية حينا وخيالية تحتمل الفانتازيا حينا آخر، وتوظيف الخيالي كتداع للواقعي مزاوجة متفردة في تجربتها الفوتوجرافية، وذلك مما يزيد من أهميتها الإبداعية ويضعنا بالفعل أمام تجربة فوتوجرافية تؤنسن الصورة وتضيف إليها ملامحها في التعبير عن مكنونها كفنانة لديها ما تعبر عنه بأسلوب غاية في البراعة والتناسق البصري، إذن هي صورة تحلق في جناح غيمة راحلة في العمق الإنساني دون أن تكون هناك أدنى شبهة مراوغة لتمرير أمر غير منطقي إلى فهم المتلقي، إنها تحتاج إلى ذكاء وثقافة بصرية لفهم الصورة، وذلك حقها كمبدعة ليست سهلة وحسب