على أحمد شوقي الآن أن يسحب بيته الشعري حينما قال، قم للمعلم وفّه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا، فالتدريس الذي يعرفه أصبح تحت شعار «أيام زمان» وأكيد أنه واحد من أولئك الذين عاصروا المعلمين المخضرمين الذين ينطبق عليهم قول القائل «من علمني حرفا كنت له عبدا» على الرغم من أنهم لم يتجاوزوا مهنة الكتاتيب ولم يأخذوا شهادة ماجستير أو دكتوراه في تخصصاتهم لكن عبيدهم أصبحوا عظماء على أقل تقدير. وفي وقتنا هذا أضع بعض أصحاب الملاعق من المعلمين على كف من ريشة لا يرزح أبدا مقارنة مع العلم المفترض أن يُدرّس في مدرسة، أشك أنه في بداية كل عام تنفد الملاعق من السوق لأن بعض المعلمين يستعملونها في التدريس والتنشئة حيث يلقنون الطلبة مناهجهم بها، ومثل هؤلاء لا يعلمون تلامذتهم صيد الأسماك من البحر بل يصيدونها لهم. هذا التلقين بالملعقة سرعان ما يتخلص منه الطالب ويخرج من المدرسة غير مؤهل لاختيار مصيره، وهنا يدخل في دوامة إيجاد المستقبل بالنرد وسينشأ شخصا متواكلا ضعيف الشخصية وغير قادر على اتخاذ القرار المناسب، ولهذا فهو أكثر ما يكون عرضة للاستغلال. ومثلما تقول حكمة يابانية «الأذكياء هم الذين لا يمكن استغلالهم»، ويجب أن تعلم أن الذكاء عند اليابانيين ليس هبة ربانية فحسب لكنه تنظيم في التفكير مع حسن في التدريس والتعليم. لكن مشكلتنا الدائمة هي في حوصلة وتأطير المفاهيم حتى تبدو لنا الدراسة مجرد تلقين دون أن تكون تهذيبا للسلوك وللنفس إلى درجة أن أصبحت المدرسة أكثر مكان توجد فيه كوارث سلوكية. إني ما زلت عند طلبي من شوقي بأن يسحب بيته إلى أن يصبح مناسبا لحال بعض التدريس الآن، لأنه من المصيبة لو صار صاحب الملعقة رسولا وعليكم أنتم أن تتخيلوا في أي مكان يمكن أن تنتهي رسالته.