تغيرت التهديدات العسكرية الإسرائيلية المباشرة لإيران حيال برنامجها النووي من الأجندة اليومية واستبدلت بتهديدات استخباراتية، حيث نشر جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) مؤخرا إعلانا بالصحف يعلن فيه حاجته إلى "مركز ميداني يتحدث اللغة الفارسية". وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أن الإعلان عن حاجة إسرائيل لعملاء يجيدون اللغة الفارسية، يفصح عن حاجة الشاباك إلى مهمات تتصل بالتجسس المضاد وإحباط محاولات تسلل الاستخبارات الإيرانية على إسرائيل. وقال الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي عامي إيلون إن "تجنيد عملاء يجيدون اللغة الفارسية ليس له علاقة بالنووي الإيراني، وإنما يندرج في إطار إحباط محاولات التجسس على إسرائيل التي تقوم بها إيران.. ومن أجل إحباط محاولات التجسس، عليك معرفة اللغة والثقافة والعقلية الإيرانية". وأضاف إيلون -الذي كان أيضا وزيرا في حكومة إيهود أولمرت- في حديث للجزيرة نت أن "التسلح النووي الإيراني تهديد مباشر لمنطقة الشرق الأوسط والأنظمة المعتدلة وليس فقط لإسرائيل، وعليه هناك مصلحة مشتركة لإسرائيل والأنظمة العربية والإسلامية المعتدلة في التصدي له". وخلال أعمال مؤتمر الأمن القومي الذي عقد في تل أبيب مؤخرا، وجه رئيس شعبة الاستخبارات بالجيش الإسرائيلي عاموس يدلين اتهامات لإيران مشيرا إلى أنها تحتفظ بمواد كافية لإنتاج قنبلة نووية. المجتمع الدولي وأميركا في حيرة وتعليقا على هذه التصريحات قال الباحث في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت إن "هذه التصريحات إعادة تأكيد على أن الموضوع الإيراني ما زال يمثل رأس أولويات سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية التي لا يدع رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مناسبة إلا أكد فيها أن أكثر ما يشغله ويقلقه هو الموضوع الإيراني". وأضاف شلحت للجزيرة نت "مع ذلك نلاحظ أن التصريحات الإسرائيلية في معظمها لا تحمل لهجة التهديد العسكري المباشر، وهذا يفتح المجال للتفكير بأن الحكومة الإسرائيلية تراهن على أن يكون هناك تجنيد دولي واسع بقيادة أميركا لمواجهة إيران". من جهته قال إيلون إن "المنطقة والمجتمع الدولي والولاياتالمتحدة في حيرة حيال النشاط النووي الإيراني الذي يخلق حالة عدم استقرار بالمنطقة، وعلى الجميع استنفاد كافة أساليب الحوار والمفاوضات مع طهران واحتواء مشروعها النووي دوليا، سواء عبر فرض وتشديد العقوبات عليها أو استعمال الخيار العسكري". وأضاف "باعتقادي أنه من أجل لجم إيران يجب الشروع في العملية السلمية على المسار الفلسطيني على وجه الخصوص وكذلك على المسار السوري، فإيران لا تهدد المنطقة فقط بمشروعها النووي، وإنما باتت تؤثر من خلال نفوذها في عدة دول عربية معتدلة، وهذا هو الخطر الأكبر". ويقول شلحت إن "عمل الاستخبارات الإسرائيلية لا يكف للحظة عن النبش في الداخل الإيراني، سواء على مستوى التجسس المباشر أو على مستوى محاولة إثارة القلاقل في الساحة الإيرانية الداخلية". الخيار العسكري وأكد شلحت أنه "رغم انخفاض حدة اللهجة العسكرية فإن الموقف الإسرائيلي من إيران مرشح للتصعيد الدائم، كون الحكومة الإسرائيلية تعتقد أنه لا يمكن إحباط المشروع النووي الإيراني إلا بالوسائل العسكرية". بدوره أشار إيلون إلى أن "الخيار العسكري بهدف التصدي للنووي الإيراني كان دائما على طاولة البحث في إسرائيل، لكن هذا لا يعني أننا سنهاجم إيران غدا، فما دام هناك خطر يهدد الكيان الوجودي لإسرائيل سيبقى الخيار العسكري واردا في الحسبان.. هكذا تصرفت إسرائيل في السابق، وبالأسلوب ذاته ستتصرف مستقبلا". أضاف "رغم كافة أساليب الحوار والمفاوضات علينا الاستعداد لمواجهة الواقع، وهو أن إيران وصلت إلى وضع امتلاكها لسلاح نووي". ويبقى السؤال الذي تصعب الإجابة عليه -مثلما أشار شلحت- مطروحا وهو: كيف ستتصرف الحكومة الإسرائيلية في حال تباطؤ الولاياتالمتحدة والعالم في مواجهة المشاريع النووية الإيرانية؟