قلما قوبل استفتاء شعبي في سويسرا بمثل هذا الاهتمام العالمي مثل الاستفتاء الذي سيجرى بعد غد الأحد. إنه استفتاء على المبادرة الشعبية "ضد بناء المآذن" التي قدمت في تموز/يوليو 2008 لحظر بناء المآذن. وفي الوقت الذي يدفع أنصار حظر المآذن بأنها أيضا مؤشرات سياسية على خطر الإسلام فإن معارضي الحظر يخافون من تسببه في ضرر كبير لسويسرا ومن ألا تتضرر الحرية الدينية في هذا البلد الديمقراطي فحسب بل تصبح هناك نقمة عليها في دول العالم الإسلامي. وفي الوقت الذي يؤكد فيه أصحاب مبادرة حظر المآذن ومن بينهم حزب سويسرا الشعبي ثقتهم بفرص الحظر فإن استطلاعات للرأي تشير لميل السويسريين لرفض هذا الحظر بنسبة 53%. أصبح على المواطنين في سويسرا الآن الاستفتاء على جملة:"بناء المآذن محظور" وذلك على خلفية تقدم جهات إسلامية بطلبات لبناء مآذن لمساجد لم تكن مرئية حتى الآن في سويسرا. وهناك بالفعل أربع مآذن في جنيف و زيوريخ ومدينة فينترتور وبالقرب من مدينة أولتن. وتبنت الحكومة السويسرية سياسة هجومية بشكل خاص ضد أنصار الحظر. وقال الرئيس الاتحادي الحالي لسويسرا هانز رودولف ميرتس الذي يخوض خلافا مستمرا مع ليبيا بسبب احتجازها رجلي أعمال سويسريين إن التسامح الديني عريق في سويسرا مضيفا:"نحن نعيش في سويسرا متعددة الثقافات ومنفتحة". وأكد ميرتس أن أغلبية المسلمين في سويسرا مندمجون جيدا في المجتمع وتحترم النظام الاجتماعي. كما أشار الرئيس السويسري إلى أنه عمل في المنطقة العربية ومازال يتذكر جيدا المآذن والمؤذنين هناك وأضاف:"لابد أن يصبح بمقدور المسلمين في سويسرا أيضا أن يعيشوا دينهم من خلال المآذن". وأوضحت وزيرة العدل السويسرية ايفلين فيدمير شلومبف للصحفيين الأجانب أن مبادرة حظر بناء المآذن تضر بسمعة سويسرا التي تأخذ على عاتقها الحفاظ على الحقوق الأساسية. وبالطبع هناك في هذا السياق إشارة في النقاشات العامة للدنمارك والتهديدات بالقتل عقب نشر الرسوم المسيئة لنبي الإسلام. إضافة إلى ذلك فإن وزيرة العدل السويسرية تخشى أيضا أن يكون لهذا الحظر في حالة صدوره عواقب اقتصادية وخيمة بالنسبة لعلاقاتها التجارية مع شركائها العرب. ولا يكاد يخلو مكان في سويسرا من ملصق حزب الشعب السويسري المثير للجدل والذي تظهر فيه امرأة منتقبة باللون الأسود على العلم السويسري ذي الصليب الأبيض تحيطها مآذن شبيهة بالصواريخ بشكل ينذر بالخطر. ولا يظهر مراسل تلفزيوني متحدثا عن الاستفتاء الشعبي المرتقب إلا وتصوره الكاميرا واقفا أمام أحد هذه الملصقات. وأثارت هذه الملصقات تقززا وامتعاضا في سويسرا بدلا من أن تحشد المواطنين لتأييد هذا الحظر.