في تجربة تربوية هامة قام العديد من مدارس الباحة بإطلاع تلاميذها على حقيقة الاعتداء الآثم الذي شنه المتسللون على الحدود الجنوبية للمملكة كما أتاحت لهم الفرصة للتعبير عن مشاعرهم تجاه وطنهم وجنوده البواسل الذين يذودون عن حدوده. ففي الوقت الذي أظهر فيه الجنود السعوديون البواسل شجاعتهم في صد الهجوم الغاشم من قبل المتسللين كان الطلاب والأطفال في المدارس والمنازل يقومون برسم الطائرات والدبابات والأسلحة الحربية متمنين أن يتقدم بهم العمر قليلا حتى يصبحوا كباراً ليكونوا الجنود الأوفياء لوطنهم وأرضهم . فعيونهم البريئة تنطق وهم يرسمون لوحاتهم بأنهم لا يملكون في هذه السن إلا أن يسطروا إعجابهم وحبهم لوطنهم وجيشهم الوفي الذي يؤدي واجبه لحفظ أمن وحدود الوطن في جبل دخان والمناطق الحدودية من الوطن الغالي عبر رسوماتهم وكتاباتهم التي سطرتها أناملهم الصغيرة داخل فصول المدرسة. ويقول مدير مكتب الإشراف التربوي " الوسط " بالباحة صالح أحمد مديس إن الدليل التربوي الحقيقي الصادق يتأتى من الاعتزاز بالانتماء إلى الوطن وجودا وهوية بحيث تكون وسائل التعبير عنه واضحة جلية ومنها الحث على التأمل والاعتراف بكرم خيراته ونسائمه ومياهه وسهوله وجباله وكذلك على تقوية وحدة أبنائه وترابط نسيج لحمته الاجتماعية . ويؤكد مديس أن حب الوطن ليس صفحة في كتاب مدرسي فتنتزع ولا هي قصيدة شعر في كتاب نصوص ولا هي نشيد في مناسبة وقتية فتصمت الأفواه عن ترديده بل هو ارتباط بتربة الوطن وتاريخه ومعارفه وثقافته ومآثره. وطالب رجال الميدان التربوي بترك فسحة كبيرة لأبنائهم الطلاب لحرية التعبير عن حبهم لوطنهم مع تدعيم حب الوطن لدى الناشئة. ويقول المرشد الطلابي خالد فرحان بمدرسة الملك سعود المتوسطة إن الإحساس بحب الوطن من أهم الجوانب التي هي في حاجة إلى التنمية لدى الأطفال منذ طفولتهم المبكرة, ومما يعين على تدعيم حب الوطن لدى الصغار لفت أنظارهم إلى بعض القضايا المهمة والتي تتصل بمصلحة الوطن ليكونوا محيطين بما يلم بمجتمعهم ووطنهم من ظروف وما يتطلبه من احتياجات سواء كانت ظروفاً سياسية أو اقتصادية أو غير ذلك. وأضاف وكيل مدرسة الأمير محمد بن سعود الثانوية والمتوسطة ببشير خالد صالح الغامدي التربية داخل الأسرة أو المدرسة أو المحيط الاجتماعي هي التي تخلق الإحساس بالوطن وتزرع حبه في النفوس, وذلك بدعمها المستمر للارتباط الروحي مابين الصغار ووطنهم. وأشار إلى أنه ليس هناك أجمل من أن تجد أبناء الوطن يحملون حباً متدفقاً صادقاً لوطنهم الذي يولد الشعور القوي لدى أبنائه بالانتماء إليه والارتباط به. وأكد معلم التربية الإسلامية خميس عطية الزهراني إلى أن محبة الوطن من الدين وليس بينهما تعارض بل كل منهما مرتبط بالآخر مضيفا أن الإنسان يولد وتولد معه الوطنية فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها ويؤكد الزهراني على أثر المؤسسات التعليمية في تأصيل المواطنة لدى النشء وكذا دور المسجد خصوصا أنه هو المدرسة والمؤسسة الخيرية والدعوية بل ومقر الاجتماعات والندوات قديما وحديثا مضيفا أنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة يوم الهجرة التفت إليها وهو يقول: "لولا أني أخرجت منك ما خرجت، والله لأنت أحب البقاع إلي" ثم قال بعد ذلك: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد".