أخي القارئ تعلُّم فهم الذات استراتيجية بطيئة تدخل في إطار المحاربة للوصول إلى الأهداف المنشودة في الحياة اليومية. في ما يلي عشر خطوات تساعدك في رسم المبادئ الأساسية لتحقيق ذلك. 1- كن صادقاً لا بد من التصرف بصدق مع الآخرين! إنه سلوك لا يمكن اعتماده دائماً لكنه ضروريّ لفهم الذات وتقبّلها بشكل أفضل. في هذا السياق، يعني الصدق مع الآخرين عدم الخضوع لجميع الأفكار أو القيم السائدة في محيطنا. وفقاً للخبراء، التصرّف على سجيّتنا في جميع الظروف، حتى لو لم ننل رضى جميع من حولنا أحياناً، يساعدنا دائماً على أن يرانا الآخرون بشفافية وأن يصدروا الأحكام الصحيحة علينا. باختصار، لا شيء أفضل من الصدق للتصالح مع النفس إلى أقصى حدّ. 2- أصغِ إلى نفسك لا يكفّ علماء النفس عن التشديد على أهميّة أخذ الوقت اللازم للنظر إلى الذات بهدف التعرف إليها بشكل أفضل، بمعدّل 10 دقائق يومياً. هكذا، نركّز على أنفسنا، نراجع ما فعلناه خلال اليوم بسرعة، نحلل النقاط الإيجابية والسلبيّة، ونتأمل بما يمكن تغييره في حياتنا نحو الأفضل. تسمح لنا هذه الطريقة برؤية حياتنا من منظور مختلف والتنفس بعمق من الداخل. هذه الطريقة هي عبارة عن إصغاء فاعل إلى النفس بهدف فهم الذات والتحرر بأفضل طريقة. 3- قدِّر ذاتك تقدير الذات هو أحد العوامل الأساسية في هذا المجال. لا يعني ذلك المبالغة في الاعتداد بالنفس بل الشعور بأننا نتمتّع بقيمة كبيرة تجعلنا كائنات خاصّة، فريدة من نوعها، تحِبّ وتستحق أن تُحَبّ. يتطلّب تقدير الذات خطوتين: معرفة نقاط القوة واكتشاف نقاط الضعف! حافظ على استقرار توازنك النفسيّ من خلال هذه المعرفة المزدوجة، ما يسمح لك باكتشاف الذات والخروج بسهولة من نظام الأحكام المسبقة الذي يكبّل حياتك بدل تحريرها. 4- تخلَّص من الأفكار المسبقة يعني التصرّف على سجيّتنا احترام الذات، لكن يجب أولاً تعلّم كيفيّة التخلّص من الأفكار المسبقة لإحراز تقدّم في الحياة. تكمن المشكلة الأساسية في أننا نعيش دائماً حياة موازية لتلك التي نريدها فعلاً، ونكون تائهين وسط الأفكار التي نكوّنها مسبقاً عن أنفسنا من جهة والشخص الذي نريد أن نكونه فعليّاً من جهة أخرى. لكن يمكن تخطّي هذه الأفكار المسبقة التي نحملها في داخلنا والتي تُعمينا عن حقيقة ما نحن عليه. لتحقيق ذلك، علينا أن نتعلّم النظر إلى أنفسنا يومياً نظرةً جديدة وموضوعية. 5- استعد حرية الاختيار كيف يمكن استعادة هذه النظرة الجديدة والموضوعية لأنفسنا؟ من خلال طرد الأفكار المترسّخة فينا منذ الطفولة والتي تكبّل حياتنا حاضراً! نظراً إلى عدم وجود نظام مثالي لتربية الأولاد، نعاني جميعاً من جروح في داخلنا وممنوعات نقلها إلينا الأهل عن غير قصد. نتيجةً لذلك، علينا تحديد هذه الاضطرابات والعمل على التخلّص منها. بعبارة أخرى، علينا أن نعطي أنفسنا الفرصة لاستعادة حريّة الاختيار والتصرّف التي حُرمنا منها خلال طفولتنا. 6- إخضع لعلاج نفسي يُعتبر العلاج النفسي وسيلة لا بدّ منها للتعرّف على النفس بشكل أفضل. توجد أنواع عدّة من العلاجات لكن لا تعتمد جميعها على وسائل التحليل نفسها، غير أنها تتيح لك اكتشاف أمور إضافية عن نفسك وعن شخصيّتك ومختلف الأوجه النفسية التي تتكوّن منها. 7- اكتشف ذاتك عبر الآخر يجب الأخذ بأحكام الآخرين علينا وانتقاداتهم لنا لكن بحذر، إذ غالباً ما يصدر الغير أحكامهم بهدف إحباطنا. لكن تحيط بنا طبعاً شبكة صغيرة من الأصدقاء أو الأشخاص المقرّبين الذين يستحقّون ثقتنا. تساعدنا نظرات هؤلاء ونصائحهم على التقدّم في الحياة وفهم هويّتنا الحقيقية. في هذه الحالة، تكون الأحكام البنّاءة التي يصدرها المقرّبون منا بمثابة أضواء مسلّطة علينا تسمح لنا ببناء ركيزة نفسيّة مستقرّة ومتوازنة. 8- انفتِح على محيطك الانفتاح على العالم يعني أننا نرغب فعلياً في السيطرة على أنفسنا وتسليط الضوء على المساحات المظلمة في داخلنا وأننا نريد النظر إلى الحياة بشفافيّة. كيف يمكن فعل ذلك؟ عبر التخلّص من الغمامة التي تحجب عنا النظر ورؤية الأمور من دون أحكام مسبقة أو أفكار متوارثة. وحده الشخص الذي يتأمّل غنى الوجود وتنوّعه سيشعر بغنىً وتنوع في داخله. 9- خصِّص وقتاً لنفسك بما أنّ الحياة تمرّ بسرعة كبيرة وبما أنّ العالم المعاصر لا يترك لنا وقتاً طويلاً للتنفّس، من الضروري تخصيص وقت خاص لنا، أي الانفراد مع الذات للحظات. هدف ذلك إيجاد توازن في داخلنا، أي نوع من التناغم والسلام الداخلي الضروري لبناء أفكار ذهنية إيجابيّة. إذا لم نفعل ذلك، لن نتمكّن من التعرّف على نفسنا بدقّة وموضوعية. 10- تصرَّف ببساطة الشخص البسيط هو الذي يعبّر عن نفسه ويتصرّف على سجيّته ويكون متصالحاً مع أفكاره وأقواله. باختصار، تتطلّب البساطة مواجهة الآخرين بوضوح للتعبير عن مدى تصالحنا مع نفسنا. على عكس الانغلاق على الذات وغيره من أشكال القمع، تمثّل البساطة الشرط الأساسيّ للتعرّف على النفس فعليّاً.