من المتعارف عليه أن هذا العصر هو عصر التحولات في مختلف المجالات والتي تسبب ضغوطا شديدة على الأفراد فترفع معدلات القلق وتؤثر بشكل كبير على أداء الأفراد داخل المجتمع.. ويرى العديد من خبراء التعليم والتربية أن المجتمع التعليمي يبدو تأثره بهذا الواقع أشد وطأة نظرا لطبيعة عمل المعلم، بينما تزداد الحالة سوءً بين المعلمات لاعتبارات لها علاقة بتكوين المرأة وما يواجهنه من مصاعب حياتية مختلفة خصوصا إذا ما أستحضرنا حقيقة تعيين المعلمات في مناطق أخرى غير التي يسكنّها، إضافة إلى تحملهن ضغوطات تتعلق بجنسهن ومهامهن الحياتية. وانطلاقا من ذلك طالب عدد من المعلمين ومنسوبي التربية والتعليم بالمملكة بضرورة إيجاد مركز متخصص في قياس حالات القلق النفسي لدى شرائح مختلفة من المعلمين، حتى لا تتسرب بدورها إلى الطلاب ومنهم إلى المجتمع بأثره وفقا لدائرة التأثير والتأثر، فكيف ينظر التربويون لتلك الظاهرة وما هي مقترحاتهم لعلاجها؟ هذا ما نحاول معرفته من خلال هذا الموضوع. تأثر نفسي وسلوكي يقول المعلم ناصر بن محمد العُمري: أن الملاحظ أن هناك مؤشرات تظهر وتختفي تشي بوجود تأثر نفسي وسلوكي لدى بعض المنتمين للمجتمع التعليمي طلابا وطالبات ومعلمين ومعلمات ومشرفين ومشرفات بهذا الواقع. لكن ضعف رصد الظاهرة وغياب الإهتمام بها وعدم الإلتفات لهذا الواقع قد يتفاقم تأثيره على المدى البعيد. وما يزيد من وطأة هذا الوضع مستقبلا مرور التعليم بمراحل متعاقبة من التغيير السريع والتطوير المستمر وتنامي الأدوار وهذا قد يحدث في معظم الأحايين خللا نفسيا وسلوكيا خصوصاً عندما لا يستطيع المرء التناغم مع إيقاعه وفي ظل عدم إشراك الإفراد في منظومة التغيير وضعف الحوافز المقدمة معنويا وماديا وعدم تزويدهم بالمعلومات الكافية والضرورية قبل إحداث أي تغيير فضلاً عن الواقع المعاش لضغوط بيئات العمل لدينا، والتي يدركها الجميع. مراكز قياس ويضيف العمري: أن هذه المتغيرات كلها موجودة لكن لا يُعرف مقدار تأثر الميدان التربوي بها، ويغيب عنها فعل البحث والدراسة رغم أهميتها لتشخيص الواقع. ويؤكد أن الحاجة تبدو ملحة لإنشاء مراكز معنية بقياس مدى تأثر المجتمع التعليمي على وجه العموم بضغوطات العصر ودراسة مدى تأثير التغيير على مجتمع المعلمين والمعلمات، والعمل على إيجاد برامج داخل كل إدارة وقسم ومدرسة من شأنها الإسهام في خفض معدلات القلق والتوتر وبناء برامج تسهم في رفع كفاءة المجتمع التربوي في التعامل مع تلك الضغوطات. برامج منوعة ومن جانبه أشار المعلم محمد صالح أن تخفيف تأثير تلك الضغوطات يمكن تحقيقه عن طريق برامج منوعة مثل: حفظ القرآن وتجويده - المحاضرات والندوات -البروشورات التوعوية، كما يمكن إستخدام الميديا الحديثة كوسائط لبث مواد توعوية عبر التقنيات الحديثة “البلوتوث” “المواقع الإلكترونية” الرسائل النصية والوسائط وعبر الأقراص الصلبة والأشرطة التسجيلية، مع أهمية العمل الجاد على إيجاد بيئات تنظيمية تراعي عدم إثقال كواهل الممارسين للمهنة بمهام وظيفية وكمية عمل وواجبات تثقل كاهلهم وتسهم في حدوث غموض الأدورار من خلال معرفة الدور الوظيفي بدقة ومعرفة المسؤول الأول عن العمل حتى نضمن عدم تعدد التوجيهات والقرارات، وإذا كانت هذه الأمور مفترضة في كل بيئة عمل فأنها في التعليم تبدو ملحة أكثر لأنه من أكثر المهن تغيرا وتجددا. أسلوب علمي أما سليمان بن محمد الشدوي معلم بمدرسة عبدالله بن عمر بمحافظة جدة، فيرى أنه من المهم أن يكون هناك رصد وقياس لهذه الظاهرة بأسلوب علمي، مضيفا أن هذا الزمن مليء بالتعقيدات وترتفع فيه معدلات القلق وتتزايد الضغوط من هنا فأن التوجه لإنشاء هذه المراكز يبدو ضرورة حتمية يمليها واقعنا المليء بالضغوطات.