بالتصاق والتئام ضيوف الرحمن بعضهم ببعض أطلقت منابر مسجد نمرة الست في صعيد عرفات الطاهر نداء الحق ، ومؤذنة لأداء صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم اقتداء بالرسول صلى عليه وسلم. واكتسى المسجد اليوم حلة بيضاء ، بالتصاق والتئام ضيوف الرحمن بعضهم ببعض ، الذين توافدوا إليه منذ وقت مبكر من صباح اليوم التاسع ، ليشهدوا خطبة عرفة ناسجين لوحة بانورامية زاهية داخل المسجد وفي الساحات الخارجية ، في ملمح يتكرر مرة واحدة كل عام. واكتسب المسجد أهمية كبرى من الناحية الدينية والتاريخية ، ففيه خطب النبي - عليه الصلاة والسلام - خطبته الشهيرة في حجته الأخيرة التي تسمى خطبة الوداع . وبدأ الحجاج بدخول مسجد نمرة منذ وقت مبكر من صباح اليوم التاسع مشكلين لوحة بانورامية بيضاء مسجد نمرة من المواقع التاريخية المهمة في الحضارة الإسلامية ، ومسجد نمرة بفتح النون ، وكسر الميم من أهم معالم مشعر عرفات ويتسع لمئات الآلف من الحجاج الذي أتوا إلى خالقهم تائبين مطيعين منيبين إليه. يقع مسجد نمرة إلى الغرب من مشعر عرفات ، إلا أن جزءا منه في وادي عرنة وهو أحد أودية مكةالمكرمة الذي نهى عليه الصلاة والسلام من الوقوف فيه حيث قال المصطفى صلى الله عليه وسلم وقفت هاهنا وعرفات كلها موقف إلا بطن عرنة ، وبطن وادي عرنة ليس من عرفة ، ولكنه قريب منه. وبني المسجد في الموضع الذي خطب فيه الرسول -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع وذلك في أول عهد الخلافة العباسية ، في منتصف القرن الثاني الهجري. وكانت مساحة المسجد قبل العهد السعودي صغيرة لا تزيد عن 166 مترا طولا ، وعرضه لا يتجاوز 153 مترا، إلا أن التوسعات التي شهدها كثيرة على مر العصور وصولاً للوقت الحالي ، وبعد اتساعه أصبحت مقدمة المسجد خارج عرفات ، ومؤخرة المسجد في عرفات ، وهناك لوحات إرشادية تشير إلى ذلك لكي يعرف الحجاج مواقفهم. وشهد مسجد نمرة أكبر توسعة له في التاريخ في العهد السعودي بتكلفة 237 مليون ريال ، وصار طوله من الشرق إلى الغرب 340 مترا ، وعرضه من الشمال إلى الجنوب 240 مترا ، ومساحته أكثر من 110 ألف متر مربع ، وتوجد خلف المسجد مساحة مظللة تقدَّر مساحتها ب 8000 متر مربع ، ويستوعب المسجد نحو 350 ألف مصل. للمسجد ست مآذن ، ارتفاع كل مئذنة منها 60 متراً ، وله ثلاث قباب ، وعشرة مداخل رئيسية تحتوي على 64 بابا ، وفيه غرفة للإذاعة الخارجية مجهزة لنقل الخطبة وصلاتي الظهر والعصر ليوم عرفة مباشرة بواسطة الأقمار الصناعية. ويتربع مسجد نمرة الآن في مشعر عرفات ، وهو من أهم معالمها التاريخية فيها ، ويعرف في العديد من الكتب التاريخية بعدة أسماء مثل مسجد النبي إبراهيم – عليه السلام - ، ومسجد عرفة ، ومسجد عرنة. وأُخذ اسم مسجد عرفة من قرية كانت خارج عرفة أقام فيها النبي – صلى الله عليه وسلم - ، ثم سار منها إلى بطن الوادي حيث صلى الظهر والعصر وخطب في المسجد. ورجحت المصادر التاريخية أن مسجد نمرة شيد في المرة الأولى منتصف القرن الثاني الهجري على الأرجح، وحظي باهتمام خلفاء وسلاطين وأمراء المسلمين ، حيث عمره (الجواد الأصفهاني) عام 559ه ، وأجريت له في العصر المملوكي عمارتان مهمتان الأولى بأمر الملك (المظفر سيف الدين) عام 843ه ، والثانية بأمر "السلطان قايتباي" عام 884ه ، وتُعد الأفخم والأكثر جمالاً واتقاناً في ذلك الحين، ثم جددت عمارته في العهد العثماني عام 1272ه. إلا أنه شهد في هذا العصر أضخم توسعاته، ليصبح بذلك ثاني أكبر مسجد بمنطقة مكةالمكرمة من ناحية المساحة بعد المسجد الحرام.