الحمد لله ... الحمد لله ... الحمد لله الذي قدّر ولطف. تعودت ألَّا أتجاهل أي اتصال أو رسالة على الجوال أو الإيميل وسعيت ومعي الزملاء والزميلات في المؤسسة كلها إلى تكريس هذا السلوك ، لكنني عندما استيقظت ضحى أمس الأربعاء ، وجدت على جوالي أكثر من ستين اتصالاً ، وضعفها تقريباً رسائل (sms) ولفت نظري رسالة تقول (الأمير جلوي طلبك للاطمئنان) ، فاتصلت فوراً بمدير مكتبي ، وعرفت الخبر (احترق الدور الثالث .. صالات ومكاتب التحرير) والحمد لله لم يُصب أحد بمكروه. لا أدري كيف ارتديت ملابسي ، لكني وجدت نفسي في المبنى ، والزملاء سعيد معتوق وعلي الجفالي ووليد بوعلي وغيرهم كأنهم خارجون من منجم (فحم) ، وراحوا يطمئنوني أن الأمر بسيط ، وتلافيه سيكون سريعاً ، والحقيقة أن الأمر لم يكن بسيطاً ؛ فقد التهم الحريق (مخ المبنى) كله ، فأجهزة التحرير ومكاتبهم وسُقُف المكان كلها ذابت ، وتلفتُّ فإذا (وائل وحسام ابنا صلاح) يقولان بصوت واحد : ساعة أو ساعتان على الأكثر ويعود نظام التحرير الإلكتروني كما كان ، وهبَّ الجميع في المؤسسة لتجهيز أماكن بديلة في الدور الرابع ، وعند الخامسة مساءً استأنفت (الشرق) دورة عملها اليومي. الأمير جلوي بن مساعد نائب أمير المنطقة الشرقية ظل مع رجال الدفاع المدني الأكفاء ومعنا يتابع الوضع لحظة بلحظة حتى ساعة متأخرة من عصر أمس ، والعميد سعيد الغامدي وزملاؤه ضباطاً وأفراداً بذلوا جهداً مضاعفاً لإعادة الكهرباء والاطمئنان على المبنى والعاملين ، وزميلنا الجميل الأستاذ محمد الوعيل رئيس تحرير الزميلة (اليوم) اتصل عدة مرات واضعاً خدمات ومكاتب (دار اليوم) تحت تصرفنا ، ومثله فعل زملاؤنا مديرو مكاتب الصحف في المنطقة ، وتوالت الاتصالات والرسائل من المسؤولين والزملاء لدرجة أنني شعرت بالحرج من كثرة المحبين الذين لم يسعف الوقت للرد على اتصالاتهم ورسائلهم ، ومثلي كثير من زملائي نواب رئيس التحرير والمساعدين ومديري التحرير ، وكل العاملين في المؤسسة الذين انهمرت عليهم الاتصالات والرسائل ، من القراء والزملاء والمسؤولين ومن كل مناطق المملكة ومن خارجها. الزميل خالد بوعلي المدير العام الذي قطع رحلته العملية في دبي وعاد عصر أمس ، بعث لي رسالة يقول فيها (رب ضارة نافعة ، لقد كشف لنا الحادث عن هذا التدفق الهائل من حب الناس للشرق) قلت : الحمد لله. أمّا الرسائل المتبادلة بين الزملاء والزميلات في الإدارة والتحرير عبر النظام الداخلي ومن كل المناطق والمكاتب فهي أكثر من أن تعد أو تحصى ، وقد أكدت فعلاً أن الجميع في هذه المؤسسة يستشعرون المسؤولية وأن كلاً منهم يعمل من موقعه معتبراً نفسه مدير عام المؤسسة ورئيس تحرير الصحيفة ، أليس هذا مدعاة للفخر والاطمئنان. إنني وزملائي وزميلاتي كافة مدينون بالفضل والشكر لله أولاً ، ثم لنائب أمير المنطقة وكافة المسؤولين والزملاء في جميع وسائل الإعلام ، على تعاطفهم الرائع ، ومواقفهم النبيلة. وختاماً فإنني أكتب هذا المقال من مكتب المدير العام في الدور الرابع الذي قامت مليشيات التحرير والقسم التقني باحتلاله منذ عصر أمس وأسمع وأتابع الزملاء وهم يسابقون الزمن لإصدار العدد الذي بين أيديكم ، وأسعدني أن نكاتهم وضحكاتهم كانت تعطر الأجواء وتبلسم الألم. وقد هطلت هذه الأبيات الرائعة التي جادت بها قريحة زميلنا (القروي) الدكتور الشاعر علي الرباعي لتخلّد الحادث إبداعاً ، وتفرض وجودها ليقرأها الجميع إذ يقول: من بعد عام ملأنا ظلّها أملا=وألبستنا نجاحات المُنى حُللا تضافرت همم العشاق وامتثلت=وما شكونا عذابات ولا مللا يا شرق لم تشتعل حقدا ولا حسدا=تعاظم الدفء في جنبيك فاشتعلا