قفزت دولة الإمارات الشقيقة إلى المرتبة 26 من أصل 183 دولة على مستوى العالم في تقرير تراتبية ما يسمى (تسهيل الأعمال) الذي يصدر عن البنك الدولي كل عام ، أي أنها خطت 7 خطوات إلى الأمام ومن ناحية (تبسيط بدء الأعمال) تبوأت المركز 22 على مستوى العالم. وبالنسبة للبنك الدولي ، فقد أشاد كذلك بأفضل الممارسات التي اعتمدتها إمارة دبي لتأسيس أي عمل تجاري. ماذا يعني ذلك؟ باختصار يعني التقدم خطوات إيجابية في مؤشرات التنافسية التجارية لأن المستثمر المحلي والأجنبي يدرك أنه لن يجد التعقيد الذي يجده في دول أخرى متأخرة في الترتيب. ومن المعلوم أن سهولة الإجراءات وتقليص الخطوط الحمراء والاشتراطات المطلوبة يسهم بشكل كبير وفعال في بناء بيئة شفافة لا تخترقها رياح الفساد بدءاً بالرشاوى وانتهاءً في بعض الحالات إلى (المشاركة) بالقوة أو التهديد بالمضايقة حتى الخروج من السوق عبر أساليب الضرب من تحت الطاولة وفوق الطاولة تحت ستار تطبيق الأنظمة وإشاعة المساواة. وفي الدول التي يسود فيها الفساد ، تُعقد الإجراءات وتكثر الطلبات وتنتشر الإشاعات. وعندها لا بد لصاحب العمل من دفع (المعلوم) في كل مرة يريد إنجاز معاملة أو استصدار شهادة أو توثيق ورقة. في البيئات التجارية غير الصحية يلجأ كثير من محاربي الرشا إلى الاستعاضة عن التعامل معها بمحلل شبه نظامي تُدفع له مرة واحدة تحت ستار (التعقيب) مبالغ تفوق أجره الاعتيادي مرات عديدة كونه يقوم بدور الراشي بالنيابة ، فيوزع الأعطيات والإكراميات على هذا وذاك، على الموظف الصغير وعلى الهامور الكبير حتى يتم إنجاز العمل المطلوب. ولو أنه في المقابل أصر على موقف أخلاقي حميد مجاف لبذل الرشوة والسحت الحرام ، فما عليه آنذاك إلاّ التحلي بصبر أيوب عليه السلام ، لأن النظام سيُطبق عليه بكل حذافيره ، كلمة كلمة ونصاً نصاً وزنقة زنقة. ومن عجب أنه بمجرد دفع المعلوم يتغير تفسير النصوص وتظهر التخريجات الميسرة والاجتهادات (الصائبة) ، ويسري مفهوم تطبيق (روح) النظام ، حتى إن أحدهم من أصحاب المعاناة كثيرا ما يردد ( روحي يا روحي عليك). روح يا روحي .. خذ فلوسي .. بس اطلق سبيلي.