بين الأهلي والبقية فوارق فيها من روعة العمل ونتائجه ما يكفي لإنصافه. من كرة القدم إلى الطائرة وإلى أن تصل حدود كرة اليد ، قد تجد من الأرقام التاريخية ما يكون الدليل الثابت على أن هذا الكيان كبير وعملاق وصاحب أولوية. أمس الأول لم تنم عروس البحر هادئة ، بل بالعكس سهرت مع الأهلي حتى الصباح ترقص وتغني وتسامر القمر. كل هذا حدث أمام مناسبة فاز بها الأهلي وقدمها كعادته هدية لتلك المدرجات الخضراء التي لاتزال تتنفس الفرح ، وأي هدية يقدمها هذا العملاق هي أكبر من الوصف وأرقى من التوصيف. بطولة اليد ذهبت للأهلي. عنوان هو للتاريخ ، والتاريخ من عوائده أنه لا يحتضن في سجلاته إلا أصحاب الأولويات ، وهذه الأولويات مثلما تميز بها الأهلي في الماضي ها هو في حاضر اليوم يجددها ويجدد معها الرقم الصعب الذي سيصبح علامة فارقة عنوانها الأبرز بطولات مختلفة لاتزال تتواصل. دائماً ما نهتم بكرة القدم ، وغالباً ما نجعلها كل شيء في الرياضة ، أما الأهلي ولأنه مختلف بالنهج ورائد في الفكر ، فالرياضة بالنسبة لمن يدعمه ويهتم به ويرعاه تبقى إطارا شاملا لكرة اليد مثلما لكرة الطائرة ولكرة القدم مثلما لكرة التنس. ألعابنا المختلفة غابت إن لم تكن غيبت بفضل الحب لكرة القدم ، ولو لم يكن هنا كيان اسمه الأهلي صدقوني لما وجدنا لهذه الألعاب حضورا أكثر من حضورها الباهت على (بقايا) كرة القدم. مسألة أن يكسب الأهلي بطولات اليد ويمارس احتكار قمتها مسألة ليست من المعجزات ، لكنها قبل هذا وذاك تبقى حالة استثناء ميسرة لقلعته ، صعبة مستعصية على البقية. أسأل نفسي ، واسأل من مازال ينظر على أن الرياضة مجرد كرة قدم ، في حين الإجابة الصحيحة حضرت مع أياد كسرت الحديد وهزمت المستحيل وصاغت على الميدان إنجازا .. على غرار ولادته ابتهجت جدة واكتملت الفرحة ، وصورة الابتهاج بابتسامة رأيتها مرسومة على شفاه أولئك المحبين للأهلي وخالد بن عبد الله هذا الرياضي الأنيق الذي مازال يمتطي صهوة التميز والنجاح مع كيان له من المعاني ما يؤهله لأن يكون نادي كل الألعاب. مبروك للأهلي ، ومبروك لنجوم كرة اليد فيه ، ومبروك ألف مبروك أقولها لذاك الجمهور العاشق الذي حضر وساند وغادر وعلى ملامحه أكثر من فرحة ، فرحة بالفوز ، وفرحة بكأس الأمير سلطان بن فهد ، وفرحة بألعاب مختلفة مازالت تقدم لرياضة الوطن كل ما هو جديد مفيد. هذا هو الأهلي ، وتلك هي طبيعته .. في كرة القدم يبدع ، وفي الطائرة يتميز ، وبكرة اليد يضرب بيد من حديد .. ليؤكد أن قلعته الخضراء لا تقبل إلا بالذهب ، والأهلي وجمهوره معا قبل أي منجز يمثلون الذهب الحقيقي في الرياضة. شمولية عمل لم تقتصر على لعبة بعينها بقدرما امتدت لبقية الألعاب واثبتت أن الأهلي هو المختلف الذي استطاع أن يرسم خارطة النجاح في طريق الدعم الصحيح لرياضة الوطن. إنه الدرس الشمولي الذي يجب أن يقف الإعلام على حدوده لكي ينصفه .. لا أن يمارس أمامه الصمت والتقريع والتجاهل .. وسلامتكم.