ينطلق في هذه الأيام من محافظة أم رقيبة أكبر مهرجان للإبل في العالم ؛ حيث يحرص الكثير من محبي الإبل على متابعة هذا الاحتفال ، الذي تستمر فعالياته ما يقارب الشهر ، ويحضره آلاف المشاركين من أرجاء الجزيرة العربية كافة ؛ ما جعله يشكل مع مرور الوقت رافداً سياحياً واقتصادياً لا بأس به!! بالرغم مما حققه المهرجان من نجاح ملموس على صعيد السياحة والاقتصاد إلا أن هدفه الرئيسي يكاد ينحصر في إبراز ملامح الجَمال في الإبل ، ويظهر هذا الهدف جلياً من خلال شعار المهرجان (مهرجان جائزة الملك عبدالعزيز لمزايين الإبل بأم رقيبة) ؛ حيث يستقطب المهرجان مُلاك الإبل التي تتمتع بملامح جمالية متعارف عليها عند مُربِّي الإبل ، أما بقية الإبل التي لا تحظى بنصيب وافر من الجَمال فليس لها ولا لأصحابها حظ أو نصيب في هذا الاحتفال المهيب!! مع أن هذا الاحتفال يُقام عاماً بعد آخر إلا أن فعالياته تكاد تكون مستنسخة من بعضها ؛ فلا جديد فيه سوى ما تعرضه القنوات الشعبية من فيديو كليبات لقطعان من الإبل مصحوبة بقصائد منشدة، يتناول فيها الشعراء أصحاب الإبل المشارِكة بالمديح المبالغ فيه!! إن محافظتنا على ثروتنا من الإبل لن تكون فقط بنسج القصائد وإقامة المخيمات والاهتمام بأجمل الإبل دون غيرها .. كم نتمنى أن يأتي اليوم الذي يكون فيه مهرجان أم رقيبة مقرًّا للارتقاء بهذا الحيوان الاستراتيجي ؛ فالإبل ، فضلاً عن كونها من زينة الحياة ، فإنها غذاء ودواء ، وفي تراثنا الإسلامي ما يُثبت قدرة منتجاتها على الفتك بالكثير من الأمراض!! لقد استطاع علماء الأحياء أن يطوروا الكثير من الحيوانات كالأبقار والأغنام ، وتوصلوا لسلالات منتِجة للحوم وأخرى منتِجة للألبان وثالثة مقاومة للأمراض ، ولكن الجَمَل لم يحصل على نصيبه الذي يستحقه من هذه الدراسات!! فمتى سيأتي اليوم الذي نمتلك فيه سلالات من الإبل المتخصصة في إنتاج اللحوم والألبان؟ وكيف يمكن للمهرجان أن يرعى الأبحاث التي تهتم بدراسة الإبل ، ويكرّم أصحابها؟ لا يمكن الإنكار أن الإبل زينة وجَمال ، وقد دلت على هذا غير آية في كتاب الله ، ولكن تركيزنا على جانب الجَمال وحده لا يمكن أن يقدم لنا الكثير ؛ فهل سيأتي اليوم الذي نعطي فيه هذا الكائن ما يستحقه من اهتمام ورعاية شاملتين؟