على الرغم من النوايا الحسنة لوزارة الإسكان في حل أزمة الإسكان الناجمة عن العجز في سد النقص من الوحدات السكنية بالسوق ، إلا أن معدلات الأداء الراهنة تشير إلى صعوبة تنفيذ خطة بناء ال 500 ألف وحدة سكنية المقررة لحل الأزمة جزئيا. وبالتالي تثور العديد من الأسئلة عن كيفية إحداث اختراق نوعي في هذا الملف يؤدي إلى بناء 100 ألف وحدة سنويا على أقل تقدير بدلا من المعدلات الراهنة والتي لا تتجاوز 30 ألف وحدة. هل الأمر يستلزم دخول الوزارة في شراكات مع المطورين العقاريين لتسريع الحلول على الأرض من خلال إيصال الخدمات والشروع في البناء سريعا ، أم أنه يكمن في ضرورة دخول الصناديق الاستثمارية الحكومية في إنجاز مشاريع الإسكان في المناطق الأكثر إلحاحا. ولعل من بين الحلول المطروحة أيضا ضرورة رفع إسهام البنوك في التمويل السكني الذي لا يزيد على 7 في المائة بسبب الشروط المجحفة التي ترفع نسبة الفائدة إلى 40% خلال 20 عاما فقط. ولن يتأتى ذلك بدون دراسات مستفيضة قبل إقرار نظامي الرهن والتمويل العقاري. وإذا تركنا هذا التشخيص المالي للأزمة ومسبباتها وبعض الحلول المقترحة ، هل يمكن القول إن المواطن هو أحد الأسباب الرئيسية للازمة وبالتالي الحل أيضا. أعتقد ان الإجابة بنعم هي الأقرب ، في ظل اصرار الكثيرين على بناء منازلهم بصورة فردية مما قد يرفع التكاليف وكذلك بناء فيلات على مساحة كبيرة من الأرض على الرغم من امكانية بناء عمارة سكنية للإقامة بها هو والأبناء ومن ثم تأجير بعض الشقق للاستفادة منها ماليا في مواجهة اعباء المعيشة. إن مشكلة السكن التي تحولت الى أزمة مزمنة في المملكة لا ينبغي ان يظل التعامل معها على هذه الشاكلة من الهدوء الذي تتجاوزه الإيجارات بعد ان ارتفعت بنسبة 50% في السنوات الخمس الأخيرة ، فهل تتحرك وزارة الاسكان لطرح نسبة كبيرة من وحداتها على القطاع الخاص على ان يلتزم بالتنفيذ وفق المعايير المطلوبة ، أم تتجه إلى الشركات الأجنبية التي لم تكن أفضل حالا في مشاريع وزارة التعليم على سبيل المثال. ويبدو أن كلا الخيارين صعب في نظر الوزارة لذلك غابت معالم الطريق.