تُعدُّ مشكلة التمرّد والعناد لدى الأبناء من المشكلات التربوية التي تعاني منها بعض الأسر ، والتي تتمثل في عصيان الابن لأوامر الوالدين ، ورفضه للتوجيهات المطروحة ، أو إهماله للتعليمات المطلوبة ، كما تظهر في عدم احترام الأبوين ، ورفع الصوت عليهما ، وإحداث المشكلات معهما ، والإصرار على التصرفات الخاطئة ، وعدم التراجع عنها ؛ حتى في حالة الإكراه. وهي مظاهر تحدث لمدة وجيزة ، أو مرحلة عابرة ، أو قد يكون ذلك نمطًا متواصلاً ، وصفة ثابتة. ومعلوم أنه لا يوجد ولد متمرد وسيئ ، بل يوجد سلوك التمرّد السيئ ، والذي ينشأ لأسباب عديدة ، وعوامل عدة ؛ فمن أسبابه القسوة الشديدة من الوالدين في المعاملة ، وكثرة النهي والمعاتبة ، أو بسبب السرعة والعجلة في طلب تنفيذ الأوامر والنواهي ، أو نتيجة للتنافس والغيرة بين الإخوة ، أو بسبب الشعور بالحرمان والكراهية ، وعدم العدل في المعاملة. كذلك يقع التمرد والعصيان بسبب وجود الخلافات بين الوالدين ، أو نتيجة للتضارب في طريقة التربية بينهما ، وعدم الثبات على مبدأ واحد ، ممّا يُشعِل في داخل الابن المقاومة والعناد ، وانتهاج سلوك العقوق والعصيان. ويبرز هذا السلوك في فترة المراهقة خاصة ؛ وذلك تأكيدًا للذات ، وتعبيرًا للانفصال عن الوالدين ، وكلّما زادت القيود الأبوية ، واشتدت الوصاية الأسرية ؛ عظُم هذا السلوك لدى الابن المراهق. وللوقاية من هذه الاضطراب السلوكي الخطير على مستقبل الأبناء واستقرارهم ؛ ينبغي معرفة أن النفس الإنسانية بطبيعتها تحب الحرية ، وتهوى الاستقلالية ، ولا تقبل التسلط ، أو القمع ، أو فرض الأوامر ، أو التوجيه المباشر ؛ لهذا يجب على الآباء معرفة احتياجات مراحل النمو الإنساني ، وطرق التعامل السليم مع كل مرحلة؛ حتى لا نقع في أخطاء ينتج عنها أزمات وتأزمات. كما يجب الاهتمام بتنشئة الأبناء تنشئة إسلامية صحيحة ، تعرفهم بحقوق الوالدين ، وأن طاعتهما من طاعة الله تعالى ، وأن عقوقهما من أكبر الكبائر ، وأعظم الجرائم ، مع أهمية الدعاء المتواصل بالصلاح والهداية ، والثبات والاستقامة ، ورحم الله والدًا أعان ولده على برّه. كذلك على الوالدين اختيار الوقت الملائم ، والمكان المناسب ؛ لإطلاق الإرشادات ، وأن يكون هناك عدل ومساواة بين الأبناء في تنفيذ المهام ، مع التنبّه إلى عدم تكليفهم بالأمور الصعبة ، أو الأعمال الشاقة والمرهقة. أمّا في حالة الرفض والممانعة من أحد الأبناء ؛ فمن الأفضل التزام الهدوء والسكينة ، وعدم إكراهه ، أو التضييق عليه ، أو تصعيد الموضوع ، أو انتهاج أسلوب التوبيخ والتقريع ، لأن ذلك يؤدي إلى تفاقم المشكلة ، ففي الحديث الصحيح: (مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلاّ زَانَهُ ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ شَانَهُ). كذلك يحتاج الابن العاصي إلى الإنصات لآرائه ، وسماع نبضات قلبه ، وخلجات نفسه ، وأن تتم المحاورة بطريقة هادئة ومقنعة ، وهذا يكون أثناء وقوع موقف العناد ، حيث إن إرجاء الحوار إلى وقت لاحق ؛ يُشعره بالفوز والانتصار دون وجه حق. مع ملاحظة عدم إطلاق عنوان هذه المقالة على أي ابن من الأبناء ؛ فإن إطلاق هذه العبارة عليه ، سوف يجعلها صفة راسخة في ذهنه ، وسمة ظاهرة عليه ؛ ممّا يصعب إزالتها وتغييرها.