ياسر عفيفي شاب أمريكي مسلم (من أصول مصرية) عمره 20 عامًا، يدرس في إحدى كليات المجتمع الواقعة في ضواحي مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، ويعمل في الوقت نفسه بائعًا لأجهزة الكمبيوتر. ذهب ياسر إلى محطة لتغيير زيت السيارة، فإذا بالميكانيكي يكتشف في أسفل السيارة جهازًا متدليًا منها. وبحكم التخصص، وضع ياسر مشكلته على الشبكة مستفسرًا عن الجهاز الذي ثبت فيما بعد أنه نسخة مختلفة عن جهاز الملاحة المعروف GPS. وبعد يومين زار الشاب ياسر في شقته عملاء لوكالة المباحث الفيدرالية FBI، مطالبين باسترجاع جهازهم بعد افتضاح أمره، فهم الذين زرعوه، وهم الذين يتتبعونه. وهكذا ثارت عاصفة جديدة تتعلق بانتهاك الخصوصية، والاعتداء على الحرمات، وبرز معها استفسار قانوني: هل حصلت وكالة المباحث الفيدرالية على إذن بوضع الجهاز في سيارة ياسر كي تتعقب تحركاته خطوة بخطوة؟! وهل الإذن ضروري في هذه الحالة كونه يسير عادة في شوارع عامة. والسائر في شارع عام عرضة للتعقب من قبل المباحث الفيدرالية، دون إذن أو ترخيص إذا شعرت أن ذلك مهم لأمن البلاد. وبصيغة أخرى، يقول المؤيدون لجهاز المباحث إن وضع جهاز للتنصت داخل منزل يحتاج لإذن من القضاء، لكن وضع جهاز للتعقب في الشوارع العامة لا يُعدّ انتهاكًا للحرمات، ولا يتطلب إذنًا قضائيًّا، فهي عملية متابعة مستمرة، لا تتطلب جهدًا بشريًّا مكلّفًا، ومعرضّا للانقطاع وعدم الاستمرار. ومن المتوقع أن يستمر مسلسل التقاضي في هذه القضية حتى ينتهي عند المحكمة العليا في الولاياتالمتحدة، والتي ستقرر إن كان ذلك انتهاكًا للخصوصية تُعاقب عليه وكالة المباحث الفيدرالية، أم أنه مجرد تعقب في أماكن لا تمنح للمتواجد فيها أي كفل من الخصوصية. ولأني مسالم بطبعي، فلن أحذّر من حركات وكالة المباحث الفيدرالية، ولا البريطانية، ولا العربية، وإنما الشاطر يفهم، المهم أن هذه التقنيات باتت تحاصرنا في كل ركن من حياتنا، وكل زاوية من تحركاتنا، تُستخدم للخير كما للشر، ولحماية الخصوصية كما لانتهاكها. والله وحده يستر، وهو عليم بما يفعل المباحثيون!!