يعاني كثير من المبتعثين والمبتعثات معاناة شديدة مع تعلم اللغة الإنجليزية بعد أن فاتهم تعلمها في سن مبكرة من حياتهم، ومع القناعة العامة بأهمية هذه اللغة وضرورة تعليمها للنشء منذ زمن بعيد، إلا أن هذه القناعة لم تتحول إلى منهج وبرنامج عمل في مدارس التعليم العام بحجج واهية. منذ بضع سنوات نوقش هذا الأمر على أعلى المستويات وأقرت وزارة التربية تدريس الإنجليزية في المرحلة الابتدائية من الصف الأول الابتدائي فدارت معركة حامية الوطيس انجلى غبارها عن إقرار تدريس الإنجليزية في الصف السادس الابتدائي فقط دون تبرير مقنع لهذا القرار العجيب. الآن وزارة التربية والتعليم مازالت تجرب تدريس هذه اللغة للصفين الخامس والرابع في عدد محدود من مدارس البنين، ولا أدري لماذا مازالت تجرب وما هو هدف التجربة، مع أن نتائجها واضحة أمام الوزارة في المدارس العالمية بالمملكة وفي عدد من المدارس الأهلية، وفي عدد كبير من الأطفال السعوديين الذين تلقوا تعليمهم الأولي خارج المملكة، ولو أن وزارة التربية أجرت استفتاء سريعا بين المبتعثين والمبتعثات وهم نحو سبعين ألفا لعرفت أنهم يئنون من إهمالها تعليمهم هذه اللغة عندما كانوا في المرحلة الابتدائية على وجه الخصوص وعلى عدم تعليمهم إياها بصورة جيدة في مرحلتي المتوسط والثانوي، بل لو أجرت استفتاءها بين العاطلين عن العمل لعرفت أن عدم تعليمها لهم هذه اللغة أعاق توظيف معظمهم داخل بلادنا، فهي لم تعد ترفا بل لغة علم وعمل. إنني آمل ألا تضيع وزارة التربية الوقت في التجريب والتسويف، وهي تدرك أن تعليم هذه اللغة ضرورة من ضرورات العصر وأنها المفتاح للولوج إلى العلوم التطبيقية الحديثة، فلم يعد الوقت يسمح بتجريب المجرب ولا دراسة المدروس، وإنما لابد أن تلتفت إلى إعداد وتجهيز إمكانيات تدريسها بالطرق الحديثة في جميع مراحل التعليم الثلاث ابتداء من الصف الأول الابتدائي وحتى نهاية المرحلة الثانوية مع ما تستدعيه تلك الطرق من معامل مجهزة ومعلمين مؤهلين وطرق تعليم متطورة، وأن تبدأ تطبيق ذلك فورا وبدون تردد في جميع مدارس البنين والبنات. إنني أستطيع أن أؤكد للوزارة أن النسبة العظمى من المواطنين السعوديين يتوقون إلى إلحاق أبنائهم وبناتهم بمدارس تتيح لهم تعلم هذه اللغة، لكن القلة منهم هم الذين تتيح لهم إمكانياتهم المادية فعل ذلك أما البقية فبقي تطلعهم في دائرة الأماني المعلقة على قيام وزارة التربية بذلك باعتباره أحد واجباتها الرئيسة في بلادنا. إنني أدعو الوزارة إلى إيقاف التجريب عاجلا والشروع في تعميم تطبيق تدريس هذه اللغة العصرية المهمة، فالزمن يمضي والجهل يبقى ما لم يتم اجتثاثه بإرادة العلم القوية وإدارة التعليم الحديثة.