اقرأوا واسمعوا وتبصروا! يقول الخبر الذي نشرته عكاظ (27 مايو) أن المحكمة العامة في الخبر أصدرت حكماً بتغريم شركة زيت وطنية (وكأن لدينا ألف شركة زيت وطنية غير أرامكو السعودية) مبلغ مليون ريال! طبعاً الخبر لم يكتمل بعد! هل لأنها مثلاً تسببت في الإضرار بسكان مدينة بأكملها أو ألحقت بالبيئة أضراراً لا تُعد ولا تُحصى! أم أنها يا ترى تسببت في موت 10 مواطنين أبرياء. كلا كلا كلا! السبب هو أن الشركة الوطنية تركت حفرة في قلب الصحراء مليئة بالنفط دون أن تردمها فسقطت فيها ناقة (صهباء) فماتت المسكينة، فرفع صاحبها دعوى ضد شركة الزيت الوطنية، فلجأت المحكمة المستنيرة إلى لجنة تحكيم مزايين الإبل التي حددت سعر الناقة (المزيونة) بمبلغ مليون ريال فقط لا غير! طبعاً سعر البشر لا يزيد عن مائة ألف ريال، ولو كان هذا البشر عبقري زمانه كالطبيب فيصل الجهني الذي ذهب ضحية خطأ فاحش وإهمال بالغ، فما كانت ديته سوى عُشر دية الناقة. المحكمة معذورة طبعاً إذ هي استعانت بلجنة خبيرة في مزايين الإبل. أما البشر فليس لهم لجنة تقييم أسعارهم وأثمانهم حتى ولو كان المصروع مزيوناً مثل الدكتور الجهني الذي تكلفت دراسته عدة ملايين حتى يصبح استشارياً ملء الدنيا، ثم لم تحسب أثمان خبرته ومهنيته في عالم الطلب التي تُقدر بما لا يقل عن عشرة ملايين ريال لو استمر في عمله 10 سنوات فقط. هكذا هو قدرك أيها المواطن الغلبان، فعشرون من أمثالك حتماً تتفوق عليهم ناقتان. ولو كانوا أطباء ومهندسين وعلماء في حجم ابن حيان أو الخوارزمي وابن حبان. ثم تجد البعض ثائراً محتداً إذ ذُكرت تناقضات في أحكام القضاء، وكأنها منزلة للتو من السماء. صدقوني لو أن بشراً سقط في حفرة الزيت الوطنية فمات، لما حكم له إلا بنصف الدية يعني قيمة (عراوي) كحيان لأنه اقتحم منطقة محظورة، ولأن الشركة غير مسؤولة عن هذا التائه الغفلان الذي ورد ديار بني زيتان دون إحم ولا دستور ولا إعلان.