نجاة سمو الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، هي نجاة لمشروع متكامل متميز وناجح في مكافحة الإرهاب بالمملكة. لقد تميز الأمير الشاب بعمق النظرة واتساع المعرفة والكفاءة والاقتدار في وضع خطة مكافحة الإرهاب وتنفيذها بدقة وهدوء وحزم وجلد، يصل الأمير النابه الليل بالنهار مع رجاله الأكفاء في متابعة ورصد عناصر الإرهاب وخلاياه أينما كانت، وحقق بهدوئه وحنكته ودقة متابعته نجاحات باهرة أصبحت محط إعجاب العالم كله، ومصدر اطمئنان المواطنين والمقيمين، الذين لم يشعروا يوما بما يعكر صفو أمنهم وهدوئهم، على الرغم من كثرة الخلايا التي تم كشفها والعناصر التي تم القبض عليها، وضخامة ما تملكه من أسلحة وذخائر ومتفجرات وأموال. وعلى الرغم من ضخامة وخطورة الملف الأمني الذي يتولاه الأمير إلا أنه يتميز بإنسانية فذة وتعامل راق، ورغبة صادقة بل وملحة في الاحتواء والإصلاح، إذ إن مشروعه في مكافحة الإرهاب يضع خيار التوبة والتراجع عن طريق الضلال في مقدمة الخيارات على الإطلاق، وهذا ما يفسر حال الانتحاري الذي فجر نفسه بهدف اغتيال الأمير في مجلسه منتصف ليل أول من أمس، إذ إن فرح الأمير بعودة شاب من الفئة الضالة وتسليمه لنفسه برضاه واختياره حال دون التفكير في أي احتمالات أو احتياطات أخرى، وذلك قياسا على تجارب ماضية استقبل فيها الأمير بعض من سلموا أنفسهم بأحضانه مثلما يستقبل الأخ المشتاق السعيد أخاه العائد من مهلكه، ولعل هذا الأسلوب الإنساني أغرى الانتحاري الغادر بالإقدام على المحاولة تحت غطاء التظاهر بتسليم نفسه. لم يعرف عن الأمير محمد بن نايف قسوة في التعامل، أو إجحاف في حق أحد، بل كان إنسانا دائما بكل ما تعنيه الكلمة من معان، في كل المداهمات التي حدثت في المملكة للخلايا الإرهابية وكل المحاصرات التي قام بها رجال الأمن. كانت خطة الأمير تضع سلامة أرواح المطلوبين في مقدمة خطة التنفيذ، بل كانت توصيته لرجاله الأكفاء ألا يطلقوا النار على أحد منهم ما لم يبدأ هو بإطلاقها على الأمن أو على غيرهم. نجح مشروع الأمير الكفء في مكافحة الإرهاب من جهتين، من جهة الرصد والمتابعة وكشف خلاياه والقبض على عناصره، ومن جهة التعامل الإنساني الرفيع والفكري العميق، إذ نجح المشروع في تكذيب كل دعاوى وأباطيل القاعدة التي تروجها ضد المملكة، وجاء هذا التكذيب على لسان عناصرها الذين غررت بهم وتم القبض عليهم أو سلموا أنفسهم، إذ وجد هؤلاء فرصتين، فرصة العودة عن طريق الضلال الذي كانوا يسيرون فيه، وفرصة العيش الكريم لهم ولأسرهم حيث وفرت وتوفر لهم وزارة الداخلية كل السبل المادية والمعنوية لذلك، هذا عدا نجاح المشروع في توعية المجتمع بكل وسائل التوعية الممكنة. هذا النجاح المشهود لمشروع الأمير محمد أوغر لا شك قلوب مخططي ومنظري وداعمي تنظيم القاعدة في داخل المملكة وخارجها، إذ كلما وضعوا خطة أفشلها، وكلما كونوا خلية كشفها، وأينما تحركوا كانوا مرصودين، ولهذا فقد تكون محاولة اغتيال الأمير محمد – حفظه الله – ذات علاقة بنجاح الأمن في القبض على مجموعة الأربعة وأربعين الأخيرة، التي كان بينها ثلاثون من أصحاب المؤهلات العليا الذين يعدون من القيادات والمخططين، وكان القبض عليهم ضربة موجعة للتنظيم، وقد تكون ذات علاقة بمجموعة أخرى كانت تخطط للمحاولة منذ زمن. المهم الآن أن محاولة الاغتيال فشلت والحمد لله، وسلم الأمير، وظهر على شاشة التلفاز متحدثا إلى أبيه، وأبي الجميع خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – الذي بادر لزيارة الأمير والاطمئنان عليه، ومؤكدا أن الوطن الغالي يستحق كل تضحية، الأمير محمد أكد أن المحاولة الفاشلة لن تزيده إلا صلابة وحرصا على استئصال شأفة الفئة الضالة من بلادنا، وهي رسالة بليغة لعل من تبقى من هذه الفئة الباغية يعيها، ولعل كل مواطن يدرك أن المستهدف بالمحاولة لم يكن الأمير محمد فقط، ولا مشروعه فحسب، وإنما المستهدف النهائي هو الوطن كله بأهله ومقدراته، الأمير محمد بن نايف رمز وطني كبير، وإذا كانت جهوده ورجاله الأكفاء جنبت الوطن مخاطر كبرى، وأيقظت أذهان الناس على خطر الإرهاب، فإن محاولة اغتيال هذا الرمز الرائع يجب أن تأخذ أبعادا أعمق وأوسع في استراتيجية التفكير والتعامل والسلوك ليس لدى أجهزة الأمن فقط وإنما عند كل مواطن يعي أن الإرهاب يستهدف إسقاط السقف على رأسه وأهله، وأن خطرا بهذه الفداحة لم يعد يحتمل تسويفا ولا مجاملة ولا تبريرا، ولا رجاء، وإذا كنا واثقين أن الأمير محمد ورجاله كفيلون بمن حمل السلاح أو تآمر تحت جنح خلايا الظلام، فإن واجب الجميع أفرادا ومؤسسات تجفيف الينابيع المفضية إلى الإرهاب، وكشف المغذين والمتعاطفين، ومعلقي الشماعات من أهل \"لكن\" و\"لعل\" و\"ربما\". دين الله العظيم واضح ومعروف ومصون بإذن الله، أما هؤلاء المبررون والمغذون والمتعاطفون فهم الخطر المقيم والمستمر على الدين والوطن.