رمضان شهر الذكريات لأنه مختلف عن غيره من الشهور وأيامه ولياليه مختلفة عن غيرها من الأيام والليالي، ومن هذا الاختلاف والتباين يتكون رصيد الذكريات ومن كثير من هذه الذكريات تتشكل ألوان الحياة وأطيافها. ظل الطنطاوي والزيدان يرحمهما الله جزءا من ذاكرة رمضان لسنوات طوال، حيث تزدان بهما شاشات التليفزيون السعودي على مائدة الإفطار، وكانت هناك برامج اجتماعية وثقافية في الليل والنهار إلى جانب مسابقات. في غياب ما يشكل ذاكرة تصنع الذكريات، يحتاج الصائم إلى أن يجعل ليوم رمضان وليلته ما يميزهما، والمجالات واسعة إما بالإسهام في مشروع خير يستفيد منه ذوو الحاجات مما يؤسس في نفس صاحبه حبا لهذه المشروعات أو يفتح له أبوابا إلى معاناة الآخرين ما كان ليعلم بها لو لم يعط لنفسه هذه الفرصة. قد يختار برنامج قراءة يضيف بها إلى معارفه الإسلامية أو الأدبية بحيث يستفيد من أوقات قد لا يتاح لغيرها من الصفاء والنقاء ما أتيح لها، ومن أفضل برامج القراءة إلزام النفس بحصة من القرآن يوميا يتدبر آياته ويتأمل أحكامه ويحفظ شيئا مما يتيسر له.. رمضان موسم عظيم، وكما أن التجارة مواسم فإن في العبادة مواسم، والتاجر الذي يفرط في اغتنام موسم أو أكثر يجد أنه صفر اليدين مما تقوم عليه حياته، وكذلك الصائم الذي لا يوظف رمضان أياما وليالي في برامج تعود عليه بالفائدة وتفتح له آفاق ذكريات يرجع إليها كلما تقطعت به سبل الحياة.