أشهرت شركة جنرال موتورز إفلاسها وانهارت امبراطورية اقتصادية كانت تُعد ركيزة كبرى في اقتصاد أغنى دولة على وجه الأرض لعقود طويلة، ولا تزال حتى الساعة بالرغم من كل الأزمات التي تعيشها اليوم . في عام 1950م كان نصيب الولاياتالمتحدة يشكل 75% من إجمالي الإنتاج العالمي من السيارات في حين انخفضت إلى حوالى 15% عام 2007م . لكن لماذا يحدث هذا الانهيار بعد طول تمكن؟ هل هي مجرد السنن الكونية التي تقضي بتداول الأيام وتعاقب الدهور؟ أم أن ثمة ممارسات خاطئة أدت إلى الانهيار المريع؟ نظرية التوسع السريع في نظري تُعد أحد هذه الأخطاء الفادحة. ذلك التوسع الذي يعتمد أساسًا على مبدأ الاقتراض الكبير لتلبية متطلبات التوسع السريع! التوسع السريع يعني جني مزيد من الأرباح السريعة، بل وتراكمها، ومن ثم إنفاقها على مزيد من التوسع المدعوم بمزيد من القروض الكبيرة . وفي خضم هذا التوسع في الإنتاج والنمو في الإيرادات والزيادة الهائلة في الأرباح يتطلع الفريق الآخر.. فريق الموظفين والعاملين إلى مزيد من الزيادات في الرواتب ومزيد من المزايا والمخصصات والمستحقات، ومزيد من ضمانات التقاعد والتأمين الصحي وغيرها مما قدمته شركات السيارات العملاقة وعلى رأسها جنرال موتورز. كل هذه المصروفات حفرت أخاديد غائرة في قدرات جنرال موتورز على الاستمرار في الوضع الذي كان سائدًا لسنوات عديدة، وتحديدًا منذ مطلع هذا القرن . إنه باختصار الجشع الذي لا ينظر للعواقب بحكمة وعقلانية، ولو أن هذه الشركات توسعت بفضل مزيد من فتح أبواب المساهمة لموظفيها أولاً ثم لعامة مواطنيها دون فوائد ربوية تثقل كاهل الشركة لعقود عديدة، لكسبت ود وتقدير موظفيها ومشاركتهم إياها السراء والضراء شاعرين بأنهم فريق واحد لا فريقين متصارعين ينهش كل من حصة الآخر. ولربما نجحت الشركات اليابانية في معالجة هذه الجزئية المفصلية بنجاح كبير جعل من موظفيها شركاء لها أولاً يسارعون إلى تفوقها، ليس عبر الربح فقط، ولكن بتجويد صناعة كل مركبة تمر عبر خطوط إنتاجها . الرأسمالية عدوة نفسها حين تمارس جشعًا بغيضًا لا ينظر إلى المستقبل ولا يفكر بالعواقب .