هذا هو الأسبوع الثاني لإطلاق السندات في سوق المال ، وتشير الأخبار المتداولة إلى تواضع مستوى الإقبال على هذا المنتج بين صغار المستثمرين بخلاف السباق المحموم الذي كانت تحظى به الاكتتابات الجديدة في أسهم الشركات التي تعلن إما عن إصدار جديد أو عن زيادة في رأس المال ، مما يستدعي النظر في أسباب الإقبال المتواضع وكيفية تشجيع الناس على ادخار يفتح لهم أبواب استثمار آمن. أهم العوائق هو الرسائل المتداولة في الجوال والإنترنت حول عدم شرعية هذه الأداة وأنها ربوية وبالتالي فهي إيذان بحرب من الله ورسوله للمخالفة لأمر الله، ويلاحظ أن ربوية التعامل في الأسهم نالت حظاً وافراً من التحذير والتخويف لكنها اقتصرت على شركات تعمل في مجالات معينة أو تستثمر فوائضها من الاكتتاب وغيره في مجالات تخضع للفائدة التقليدية. حامل السهم يمتلك حصة في رأس مال الشركة ويتبع ذلك أنه يصبح شريكاً في الربح والخسارة بحدود ما اكتتب به ولذا يغدو حجم رأس المال عبئاً حين لا تحتاج الشركة إلى توسع تنفق عليه لتحقيق أهداف التوسع ، ويظل حجم مخاطرة حامل السهم محدوداً بقيمة ما يمتلكه من أسهم في الشركة ، وهنا تصدق مقولة إن أموال المساهمين هي الأعلى كلفة على الإطلاق من بين مصادر التمويل لأنها ترافق المشروع في العسر واليسر ويتوقع أصحابها عائدات منتظمة على المدى الطويل. لكن حامل السند لا يمتلك حصة ولا يتحمل مخاطرة وإنما هو دائن بقيمة السند الذي اكتتب به في القرض الذي أعلنت عنه الشركة ، وهنا يقع الإشكال حيث يتقاضى حامل السند فائدة بحسب السائد في السوق وشهية ميدان الاستثمار وفاعلية قنوات الادخار ورغبة وقدرة المصارف ومؤسسات التمويل في توفير الأموال اللازمة. جرى تقديم السندات والصكوك في وقت شهد أزمات محلية وعالمية من بينها انهيار سوق الأسهم محلياً بعد تصاعد متسارع حلق به حتى لامس 22 ألف نقطة ثم هوى إلى أن هبط دون 5 آلاف نقطة ، وكانت الأزمة العالمية معاناة إضافية للمستثمرين في الخارج حتى بدأت آثارها تطفو على السطح لبعض الذين توسعوا بشهية عالية فإذا بالعقاب القاسي يعلن بالتجميد وما يتبعه أحياناً من عواقب أخرى. الصمت الذي تمارسه هيئة سوق المال عن بيان أمر هذه المنتجات يُسهم في إحجام الناس الذين يرون الاحتياط لدينهم والتحقق من الأمان الشرعي لعوائد أموالهم ومن الضروري أن تخرج الهيئات الشرعية بما يرفع الحرج ويوضح المقاصد ويوقف سيل الرسائل عبر الجوال والمواقع الإلكترونية. الصكوك أصناف عديدة ومن الممكن تكييفها لاستيعاب مدخرات كثيرة لمستثمرين صغار لجمع أموال كبيرة تقوم بها مشاريع صناعية وزراعية وتجارية وعقارية ، كما أنها بالتكييف الشرعي السليم تتيح لذوي الدخول المنخفضة مجالاً لادخار يجعل الطريق أمامهم آمناً واضحاً لا لبس فيه ولا شبهة حرام تنغص عليهم حياتهم وتحرم اقتصاد البلاد من توظيف مدخراتهم لتعزيز حاضره ومستقبله. الشائعات تقتل الإبداعات وتجهض المبادرات وتخلق جوا من التردد والقلق وواجب أهل الرأي في الهيئة واللجان الشرعية أن يوضحوا وأن ينشروا حتى يقرأ الناس ليطمئنوا ويتوقف سيل الشائعات أمام بيان الحق.