تأبى الرسائل المتميِّزة من القراء الكرام، إلا أن تستأثر بقدر كبير من الاهتمام. رسائل فيها إبداع الأسلوب، وجمال الكلمة، ووهج المشاعر، وصفاء الفكرة، ونقاء المضمون. خطر ببالي أن أصافح بها أعينكم في هذه الزاوية المشرقة بكم وبمتابعتكم واهتمامكم. نماذج من تلك الرسائل التي حملت إليَّ خفق قلوب بعض القراء الذين يتواصلون معي عبر الكلمة شعراً ونثراً، ويا له من تواصل جميل. هذا علاء ناجي يقول: يا أيها العام الجديد مع أول فجر فيك رأيت بصيص أمل يبدو من أطراف السماء بين الخيطين على وجل، متردِّداً بين البزوغ وبين أن يعود، متردداً بين آهات غزَّة والأنين، وبين عزائم قد شمَّرت نحو تاريخ يكتب من جديد. يا ذاك الأمل المختبئ وراء الأفق، لقد كادت الأحزان تلقف أحلامنا، لا تنتظر الدماء حتى تجفّ، تلك الدماء أيها الأمل ستبقى هناك تروي للتاريخ بطولات جديدة، دعها تعيش ميلادها، وتعال نعيش ميلاد مجدنا في سبيل الله، سالت تلك الدماء، فتعال أيها الأمل نحيا في سبيل الله أيامنا ونعمر دنيانا، تعال ولا تختبئ ولا تخفْ. وهذه فتاة قريش تقول: أنا فتاة أبيَّه، مخذولة من أمة عربيَّه، من أمة سخرت من جبنها الأمم، من أمة أرخصت من أهلها الدم، من أمة قدَّمتْ أبناءها ضحيَّه، أنا فتاة أبيَّه، لا أرضى بالظلم أن يسود، وأنْ يطأ رقابنا اليهود، وأنْ نسير في الأرض بلا هويَّه، أنا فتاة أبيَّه، يا أمتي، إن كنت تبخلين بالرجال، فافسحي لنسائك المجال، ثم انظري صنيع ربَّات الحجال، ولتكسري في يدك البندقيَّة، أنا فتاة أبيَّه، لم أزل أبصر أم عمارة والسيفُ باليمين، وخنجر الرميصاء يلمع حنين، وعمود هند تقتل به اللعين، وجموع اليهود تفرُّ من صفيَّه، أنا فتاة أبيَّه، لم أناد يوماً بقيادة السيارة، لكن حلمي اليوم قيادة الطيارة، لأرمي اليهود مع الصغار بالحجاره، وأنت يا أمتي معذورة فَمَن للهو والتجاره، وإن تعبت يوماً يا أمتي فنامي نومة هنيَّه، وحين يجيء النصر من ذوي الأعذار، من النساء والصغار، فكري ورددي: إن البطولات اليوم أنثويَّهْ. وهذا الشاعر علي الزبيدي يقول: أوَّاه كم طفل أراه وطفلة.. فقدوا الأمانَ وخالطوا الأشلاء. فإذا بكوا سكت البيان وإن همو.. صمتوا فَصَمْتٌ يعجز البلغاءَ. أنكى من الموت الذي يلقونه.. ألاَّ يروا سَعْداً ولا بَلْقاءَ. وهذه أم سعيد تقول: ليتهم يا ليتهم يسمحون للنساء حين بخل الرجال وسكتوا لنعيد أمجاد أم عمارة وسيفها، وأم سُليم وحنجرها، وهند بنت عتبة وعمودها، وصفية بنت عبدالمطلب وعمودها في الأحزاب، يا ليت. وهذه بنت محمد تقول: استشرف مستقبل النصر يا شاعرنا، كما استشرفت من قبل عطاء الانتفاضة المجيد، قلوبنا تحترق، فاستبشر كما استبشر قدوتك في الشعر حسان بن ثابت بالفتح والدخول من كداء فدخلوا من كداء، أنيروا لنا يا أصحاب الكلمات المسؤولة ظلام الأكاذيب والإرجاف. إشارة : حيَّا الله تلك القلوب النابضة وما هذه الرسائل إلا نموذج من عشرات النماذج.