منذ سبع سنوات تقريباً، قال سمو النائب الثاني، وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز \"نريد أمراً بالمعروف ثوبه أبيض ورحيم، وليس تسلطاً ونريد الدعوة إلى المعروف بالحسنى، فالأمر بالمعروف سابق على النهي عن المنكر بموجب النص القرآني، ولا ننسى أن الأمر بالمعروف هو من ثوابت الدولة، ولذلك أنشأت الدولة جهاز الهيئة، ورجال الجهاز لا بد أن يكون لديهم علم شرعي ووعي وفهم وعقل حكيم وسلوك وأخلاق رحيمة كرحمة هذا الدين العظيم الذي أمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم أن نجادل الناس بالحسنى وألا نكون غلاظ القلوب فينفضوا من حولنا\"، وأكد سموه قائلاً \"الهيئة جهاز من أجهزة الدولة وكل رجالها موظفون، ولا يمكنهم أن يقوموا بعملية اقتحام للبيوت إلا بأمر من أمير المنطقة، وليس لهم أن يعاقبوا أحداً إلا عبر المؤسسات النظامية للدولة. إنهم جهاز من أجهزة الدولة ينطبق عليه ما ينطبق على بقية الأجهزة، فنحن دولة إسلامية وليست علمانية\". كلام سمو الأمير واضح وكاف، وهو ما فتئ يكرره ويؤكده في كل مناسبة، وعلى الرغم من استمرار التأكيد الواضح، إلا أن هناك خلطاً ما زال مستمراً بين مبدأ الأمر بالمعروف، وبين جهاز هيئة الأمر بالمعروف، مع أن الفرق واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، فالمبدأ مبدأ دولة بكل أجهزتها ومواطنيها، والهيئة واحد من هذه الأجهزة، فنحن كما قال الأمير \"دولة إسلامية وليست علمانية\" وهو ما يعني أن أنظمة الدولة وأجهزتها كلها تقتضي مبدأ الأمر بالمعروف وتلتزم به، وليس جهاز الهيئة فقط، ولكن الخلط نشأ من ظلال الاسم الذي تحمله الهيئة دون سواها من الأجهزة الأخرى وخاصة المماثلة لها في الدور من حيث ضبط النظام وملاحقة الجريمة، فتكرس في ذهن البعض أن جهاز الهيئة هو المبدأ ذاته، وبالتالي أصبح يعتقد أن أي نقد لأي تصرف خاطئ للجهاز أو أحد أفراده يعد نقداً لمبدأ الأمر بالمعروف، ومن الجهة الأخرى أصبح هناك من يحمّل أخطاء الهيئة أو أفرادها على المبدأ نفسه، وكلا التصورين خطأ من جذره، فلا الهيئة تعني المبدأ، ولا أخطاء أفرادها أيضاً تمس المبدأ. إنني أعرف حجم المسؤولية، وحجم التحديات التي يواجهها رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبدالعزيز بن حمين الحمين والتي تشمل فيما تشمل ضمان عدم استمرار الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها بعض أفراد الهيئة وفرقها في مختلف المناطق، سواء بالمطاردة أو بالتجسس واقتحام خصوصيات الناس، أو القسوة التي تصل حد الفظاظة أحياناً في التعامل، وما يتبع ذلك من تفتيش الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر، وغيرها من التجاوزات غير المنطقية وغير المقبولة، وأعرف أيضاً أن الشيخ الحمين من موقع مسؤوليته معني بردم الهوة التي نشأت وتوسعت بين الهيئة وبين أفراد المجتمع، وتبعاً لهذا فإنني أتصور أن مهمة الشيخ ليست تصحيح أو تجميل صورة الهيئة، أكثر مما هي إعادة صورة الهيئة إلى وضعها الطبيعي الذي حدده سمو الأمير نايف بأنها جهاز من أجهزة الدولة ينطبق عليه ما ينطبق على بقية الأجهزة.ولهذا أرى أن إعادة الصورة إلى وضعها الطبيعي تقتضي أولاً فهم وقناعة منسوبي الهيئة كلها أنهم جهاز من أجهزة الدولة وليسوا في ذواتهم هم ذات مبدأ الأمر بالمعروف الذي هو مبدأ دولة توظف كافة أجهزتها له فهم بشر موظفون لمهمات محدودة وليس أكثر، وثانياً لا بد من تمييز منسوبي الجهاز فالبطاقات التي لا يلتزم كثير منهم بإبرازها لا تكفي، لا بد من زي خاص لأفراد الجهاز يعرفون به مثلهم مثل بقية الأجهزة الأمنية، والبزة العسكرية ليست شرطاً لهذا التمييز، فهناك خيارات كثيرة ومتنوعة للبس مدني مميز، فهو أدعى للهيبة، وهو أسلم للتمييز مع وجود بعض من يدعون أنهم من الهيئة زوراً، ثم مع ضرورة حسن الاختيار عند التوظيف والتدريب قبل الممارسة، لا بد من إنصاف الجميع وظيفياً، فقد قرأت قبل فترة تظلم مجموعة منهم من هضم حقوقهم وطالما هم موظفون في الحكومة فلا بد أن ينالوا حقوقهم النظامية كاملة، وأخيراً أتصور أن سبل التحفيز والتنافس من شأنها خلق روح جديدة بين أفراد الجهاز وخاصة الميدانيين،فلو وضعت مثلاً جائزة أو مكافأة شهرية للعضو الذي لا يشتكي منه أحد لمخالفته، وإعلانها، فإنه سيكون لها أبعد الأثر في الإصلاح والتصحيح داخل الجهاز قبل صورته الخارجية التي نتمناها كما قال الأمير\"ثوب أبيض ورحيم، وليس تسلطاً\" كما يفعل البعض.