ينظر الاحتلال الصهيوني إلى القدس على أنها عاصمة دولته، وأن كلّ فلسطيني فيها إنما هو مقيم عنده، في مدينة يهودية لا علاقة لغير اليهود بها، وهي نظرة استعمارية نتجت منها مواقف سياسية وعسكرية صهيونية غاشمة على أصحاب الحق الثابت في فلسطين، كما نتجت عنها قرارات وأنظمة وقوانين يهودية تهدف إلى تفريغ هذه المدينة الإسلامية الأصيلة من سكانها الأصليين، وتستخدم في هذا الإطار طرائق متعددة، تُفضي كلُّها بالقدس إلى التهويد المقصود، فالاحتلال اليهودي يعامل سكان القدس على أنهم مقيمون لديه، وهم لا يحملون جنسية (إسرائيلية)، وإنما يحملون بطاقات هوية (زرقاء)، تجددها لهم الداخلية كل عشر سنوات، وهي بطاقة مهدّدة بالسحب من وزارة الداخلية الصهوينية، لما يحيط بها من شروط قاسية، مثل أن يفشل حامل البطاقة في أن يُثبت لليهود أنه كان يقيم في القدس طوال الفترة السابقة من خلال أوراق الضرائب، وسندات الماء والكهرباء وغيرها من السندات الرسمية، ونظراً لهذه الأنظمة الظالمة المحيطة بهذه البطاقة الزرقاء، فقد سحب العدوّ اليهودي ستة آلاف بطاقة زرقاء بين عامي 1995 - 2006م، ومعنى ذلك إسقاط حق الإقامة عن حوالي عشرين ألفاً من أبناء القدس المسلمين، يحدث هذا عبر سنوات طويلة من معاناة أهل فلسطين مع هذا الاحتلال الذي لا يراعي خلقاً، ولا يرعى قانوناً دولياً، ولا يحترم حقوق الإنسان، وعبر سنوات من التقاعس العربي الإسلامي الذي أتاح لدولة الاحتلال اليهودي أن تنفذ خُططها وبرامجها تحت غطاء مما يُسمى بالشرعية الدولية. إن أصوات الغيورين من رجال العلم والفكر والسياسة والدعاة في مدينة القدسالمحتلة تتعالى مرتفعة عبر الوسائل الإعلامية وغيرها منادية الدول الإسلامية بصفة عامة إلى القيام بدور حقيقي مباشر في مواجهة تهويد مدينة القدس، وأعمال الحفريات المستمرة التي تمهد لهدم المسجد الأقصى المبارك، وفي مواجهة الترحيل المستمرة للفلسطينيين بحجج قانونية ظالمة، وهدم بيوتهم التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم. لقد تحدّث أكثر من مرة الدكتور (عكرمة صبري) خطيب المسجد الأقصى، عن خطورة الأوضاع في مدينتنا الإسلامية العزيزة، وأوضح هو وغيره من رجال هذه المدينة الغيورين أن الأمر أخطر وأكبر من أن يسكت عنه المسلمون، وسمعته مرة يقول: لماذا لا يكون هنالك أدوار منسقة لمواجهة حملة التهويد على القدس في مجالات متعددة كالمجال السياسي، والقانوني، والاقتصادي، فإنّ ذلك مهم جداً في المرحلة التي يقترب فيها العدوّ من تحقيق أهدافه الكبرى في منطقة المسجد الأقصى وما حولها؟ سؤال مهم لا يجوز لأمتنا أن تهمله. إشارة : إنما هذا أمانة دينٍ=شأنها في الحياة لا يُستهان ُ