عندما تزور مكةالمكرمة هذه الأيام تندهش من الوضع الذي آلت إليه منطقة الحرم من حيث مستوى التطوير العمراني، ومستوى النظافة للمرافق الداخلية والخارجية للحرم، ومستوى الجهود الأمنية حوله وبداخله، وكيفية الإشراف على المعتمرين والمصلين من جميع الجنسيات وتوجيههم لأداء عمرتهم أو صلواتهم التوجيه الصحيح. ومن خلال هذه الصورة المشرفة لأهم منطقة في المملكة باعتبارها قبلة المسلمين، تتفاجأ عند خروجك من أبواب الحرم المكي الشريف بوقوف عمالة النظافة طوال ممرات الخروج للمصلين والمعتمرين ممسكين بمكانسهم اليدوية بجانبهم في منظر مؤسف يمثل غاية الاستجداء بحثاً عن صدقة تستحق هذا الوقوف الآلي بعد كل صلاة! كما يؤلمك أيضاً منظر الأطفال المتسولين والملقاة أجسادهم الهزيلة بأطرافهم المحروقة أو المبتورة\" والذين لا نعلم هل إصاباتهم بقدرة القادر أم بفعل فاعل لا يخاف الله بهدف المتاجرة بأجسادهم الصغيرة\"! حيث تحزن لحالهم وهم يتوزعون بطريقة مرسومة تختلف عن كل يوم بحثاً عن صدقات زوار الحرم الذين قد يتعاطفون معهم وقد تأخذهم الصدمة لوجود عينة من الأطفال البؤساء يمثلون أطفال مكةالمكرمة وإن كانت أشكالهم ولون بشرتهم ولغتهم لا تمثل أطفال مكة، ولا حتى أطفال السعودية الذين وصفتهم الوزيرة المفوضة ومديرة إدارة برامج الطفولة في جامعة الدول العربية السيدة \"سميرة كامل\" بأنهم الأطفال الأكثر حظا ودلالاً على مستوى العالم في الورشة التي استضافها تعليم جدة ونظمتها جامعة الدول العربية بداية هذا الشهر بعنوان \"استراتيجية الإعلام العربي الموجه نحو الطفل\" وذلك بناء على الدراسات والوثائق التي لديهم والتي تشير إلى أن الطفل في المملكة أو الخليج من أكثر الأطفال حظاًً في العالم سواء على المستوى التعليمي أو الترفيهي، أو على مستوى التنشئة الاجتماعية أو الدينية، وطبعاً لو قارنا مستوى الطفل الخليجي عامة والطفل السعودي خاصة بأطفال غزة والعراق وغيرها من الدول التي تعاني من وطأة الفقر وويلات الغزو لوجدناهم أفضل حالاً بكثير مما يستوجب الشكر على هذه النعم، لكن لا ننسى هؤلاء الأطفال الذين يعيشون بين أكثر الأطفال دلالاً في العالم وهم مبتورون الأرجل، ومحروقون الأيدي، وعلامات البؤس والشقاء تعلو ملامحهم الطفولية، وتمرسهم لأساليب التسول اليومية وهم شبه عراة على الطرق العامة أمام زوار أطهر بقعة على أرض المملكة المعطاءة لكل من يحتاج لمساعدتها! وبلا شك أن توصيات هذه الورشة التي عقدت على مقربة من هؤلاء الأطفال لن تلتفت لحالهم المأساوي لأنها سلطت الضوء على معالجة الحد من استهداف الطفل الإعلامي السلبي، لكن أوضاع هؤلاء الأطفال الذين أصبحوا ضحايا لأنواع مختلفة من العنف الواقع عليهم لابد أن يدرجوا في قائمة الاهتمام بتنفيذ بنود الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل وتوفير سبل العيش الكريم لهم ولأسرهم والتي لن يغفلها أمير مكة بلا شك لاهتمامه بالتطوير الشامل لمنطقة مكةالمكرمة.