حب المهنة ..... كيف نعبرعنه ؟؟ مريم بنت عبد الرحمن الغامدي * عندما تشعر بالألم وتتلظى بجمرته أنهر القلب فإنك تأخذ واحدا من المسارات الأربعة هي : إما أن تصمت عن الخطأ الذي ولد مثل برق باهت اللون يقبض من العيون نظراتها الجميلة لمستقبل شامخ وهذا ضعف شديد، أو أن تلمح أن هناك خطأ لتنتشل القوارب من لجة الخارطة وهذا أقل ضعف لكنه يشعرك بقليل من التحرر من الإحساس بالرق والإحساس بالخوف من نتائج اتساع مساحات الخطأ، أو أن تثور وتغضب وترتكب حماقات وقد تفر من موقع الخطأ وهذا فشل كبير في بنائك الذاتي يؤكد أنك جزء من الخطأ وقد تكون المخطط له وأنت تدرك، أو أن تعالج الخطأ وأنت تناجي زواياه بصمت وهذه قوة اخترقت خلاياك ونثرت عذوقها بين عينيك لترى البستان الذي نام طويلا وانثنى فوقه عش من الحطب .. قوة تحمي بها نفسك من الإحساس بالهوان ... قوة أيقظها الإنسان الذي يسكن أعماقك. لحظة الاختيار لواحد من هذه المسارات الأربعة لحظة غير مفرحة ومتعبة لكن عندما يعجزنا الهم ويحاصرنا الإحباط وتطوق أحلامنا معوقات كثيرة ومن كل صوب نقرر أن نغتال المسارات الثلاثة ونمتطي المسار الرابع مسارا لا يبدو سهلا فوق جغرافية المكان والحدث والتضاريس الصعبة لأنه سيورق من ماء أهدابنا، لكنها متعة الحب .. حب النفس .. حب الخير .. حب الوطن .. حب المهنة ... حب الهدف .. هكذا تعلمنا في المدارس وهكذا قالت مناهجنا في كتب الأدب إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت ... وأي الناس تصفو مشاربه ولهذا فإن اختيار المسار الرابع وأنت في كامل حالة الحب والعشق سوف يضرم حريقا كبيرا في قلبك. أبو تمام اختار أن يلمح عن ألمه ولا يصرح به ويكبح جماحه لأنه يرى أن كتم الألم كرامة وترفع عن إبداء الضعف أو تلقي الإشفاق. فلربما ابتسم الكريم على الأذى ... وفؤاده من حره يتأوه أما المتنبي فقد اختار أن يعبر عن ألمه ومعاناته وإحباطه من خيبات الرجاء والأمل المتتابعة بقصائد فيها قوة واعتزاز وقناعات بالحياة عميقة وحكم مكلفة وغير مأمونة عواقبها . فعالج وأسس مسلمات أدبية وأخلاقية و إنسانية .. أما جميل بثينة عندما تألم عبر عن ألمه بشعر حزين فيه حسرة وبكاء .. وقوة استلهمنا منها تاريخ العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة. وهكذا تعلمنا من كتب التاريخ (عمر بن عبد العزيز ) عندما تسلم الخلافة في بغداد وخلال عام واحد فقط تحولت من حالة فقر مدقع إلى غنى مترف .. وهذا ما زرعته فينا السيرة ( والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري ). التعبير عن الألم ليس ضعفا ولا يجب أن يفهم على أنه شكوى وهناك فرق بين الشكوى والتعبير عن الألم. فالشكوى المستخذية اتهامات تحولك أمام نفسك وأمام الآخرين إلى واحد من رجال المغول وتثقب ذاتك وتهدر جبينك خاصة إذا كنت محرضا جيدا للشكوى ومفعلا لها وليس لك وظيفة أخرى في وظيفتك غيرمسارين إما الشكوى والتحريض عليها أو صنع البيئة التي تحرض الآخرين على شكواك والهروب منك. أما التعبير عن الألم فقد أوجد أجمل اللوحات الفنية في العالم ... أوجد المخترعين والمفكرين ... أوجد الشعراء والمبدعين .. أوجد الإنسان الجميل الذي يزجي هواء رهيفا على الجمر... أوجد الإنسان الذي يلامس بالعشب أفئدة الناس ثم يفيء إلى النخيل الذي خالط دمنا. ___________________ * كاتبة في صحيفة \"اليوم\" السعودية0