مبروك.. التقاعد؟؟ صالح بن خميس الزهراني* من الأشياء الجميلة التي تحفظها ذاكرة الأيام، أول مناسبة لك فيها تواجد، وأول حدث مر بك، إلا أن أول يوم نباشر فيه العمل لا يمكن أن ينسى، لأنه نقلة من مرحلة إلى أخرى، ودخول معترك الحياة العملية بعد اجتياز مرحلة عمرية أو دراسية، وما يسبق ذلك من تهيئة نفسية تكاد محصورة بين الأهل والأصدقاء، فذاك يمدح وآخر يحذر وثالث ينبه، ورابع يذم تسمع كل ذلك وأنت في فرح داخلي متنقل ما بين ملابس العمل، وما يلزم العمل من أقلام أو أدوات.. وتمر السنين ما بين نقل وتنقل وترقية وتجميد، وتكليف وتشتيت إلى أن يحين الوقوف تحت مظلة التقاعد المشروط بموافقة المدير أو التمديد برغبة سعادة المدير، لأن بعض الوظائف يمكن أن يستمر فيه شخص ما مدة تفوق ما يشترط للتقاعد بالتمديد!! ولأننا نتحدث عن جماليات الأحداث في الحياة الوظيفية، فإن الترقية والتكليف بمركز قيادي، والتكريم ما كان منه ماديا أو معنويا، لا يمكن ان ينسى، وإذا ما كان من أثر وتأثير زملاء العمل بالإيجاب خاصة في المراحل الأولى من العمر الوظيفي، فإن ذلك مما لا يمكن أن ينسى، خاصة وأنت تغادر مكان العمل عندما يصلك قرار التقاعد، وامتداد تلك الرفقة الطيبة، لتجد نفسك بين الكل في تقارب أكثر، فذاك متأسف وآخر ذاكر جميل الصحبة، وآخر يذم القرار، ومن نفوس محبة تسمع المقارنة في الوقت الذي أقل منك قدرة ومقدرة ما زال ينعم بالتمديد لمواصلة العمل وهذه لاتنسى!! كثيرا ما نتحدث عن قرار الإحالة على التقاعد في صورة المحال إليه، إلا أننا أغفلنا من يقف خلف القرار، من حيث الاختيار والوقت المحال، ولمن يحل مكانه، لأن واقع الحال في بعض الإدارات ما أن يحال نائب أو مساعد، حتى يتم تشتيت من كان يتطلع لأن يكون في ذات المكان بحكم الخبرة وأقدمية الخدمة بصدور قرار النقل في ساعة احتفائهم بمن كان بالأمس معهم موجها ومرشدا وراعي قرار، فقتل فرحة الوداع، ودمر برج أحلام الكثير بتكليف الأقل خبرة والأحدث على من يعمل معه؟ وهذه أو تلك من أحداث الحياة التي لا يمكن أن تنسى للمودع ومن يودعه غبنا وألما وحسرة وإحباطا!! كم نحن بحاجة إلى معايير في اختيار الكفاءة المناسبة للمكان المناسب.. وكم نحن في أمس الحاجة إلى القدرات البشرية على مختلف مستويات إمكانياتها.. وكم نحن في أشد الحاجة للقائد الذي يستثمر من يعمل معه وليس إلى ركنهم في إدارات لا يجدون فيها كراسي لجلوسهم في إدارات المتابعة والتفتيش إلى حين تقاعدهم!! أعرف مديرا كان يمقت من سبقه في عدم الاستفادة من تلك القدرات البشرية في إدارة المتابعة، وما أن اعتلى الكرسي، حتى زاد عدد المحالين إليها.. وما زال مواصلا!! ******************************* *كاتب بصحيفة \"عكاظ\" السعودية0