لست أول من يتعرض لهذا الموضوع الذي يشغل المجتمع في هذه الفترة من الزمن بكل فئاته. والعودة إليه مرارا وتكرارا تمليها دوافع الحب والولاء للوطن الغالي، والظروف الملحة التي يمر بها المواطن ولا حلول شافيه تتصدى للمعاناة التي يعيشها. ...شح المياه في معظم مناطق المملكة، وغلاء أسعار يرهق الأغلبية من ابناء الشعب، وانقطاع كهرباء وصل إلى المجمعات الصناعية، حيث تقدر آثارها بملايين الريالات، وأزمة سكن تواجه الجيل الجديد وتكبح طموحاته في الزواج والاستقرار، ومعدل بطالة تتعامل الجهات المسؤولة عنه باستحياء ، وأعداد كبيرة من موظفي الدولة يقاضون إداراتهم في ديوان المظالم، والانهيارات المتكررة لسوق الأسهم، ولا منجد يوقف النزيف، والقائمة تطول..... والسؤال : هل الجميع يبالغ في تضخيم حجم المشاكل أم أن لدينا واقعا صعبا يحتاج إلى وقفة جادة واستراتيجية جديدة لمواجهة التحديات التي تحيط بنا من كل حدب وصوب؟ وفي اعتقادي أننا بحاجة إلى تقارير ميدانية بالصوت والصورة عن مظاهر الأعداد المتقاطرة في مواقع اشياب المياه لساعات طويلة ليلاً ونهاراً من أجل الحصول على خزان مياه ، وكذلك الحال بالنسبة لغلاء الأسعار في الأسواق المحلية ، وانقطاع الكهرباء الذي وصل إلى مواقع يجب أن تكون محصنة بمولدات احتياطية لتلافي الاضرار في حالة انقطاع التيار العام. كما أننا بحاجة إلى برنامج موثق وتحليل دقيق عن أسباب غلاء الأراضي وما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة في مجال الإسكان والقائمة تطول..... والانتظار أيضا يطول... والصبر مفتاح الفرج كما يقول المثل.... ولكن إلى متى الانتظار، ولا بصيص ضوء في النفق؟ وبالنظر إلى الوضع الراهن بتأمل وروية، نرى أننا بحاجة إلى وقفة جادة لمراجعة أساليبنا الإدارية المترهلة، وإيجاد حلول عملية تتعامل مع الواقع بوضوح وشفافية، لكي نشارك جميعا في تحمل المسؤولية، بعد تشخيص دقيق للمشاكل، وترتيب الأولويات حسب الأهمية، وطرح حلول عملية قابلة للتنفيذ، تستهدف التخفيف من المعاناة التي يعيشها المواطن. وعلى سبيل المثال لا الحصر: إنني لعلى يقين لو طلع علينا وزير المياه وتحدث بوضوح عن أسباب أزمة المياه، وطلب من المواطنين صغيرهم وكبيرهم التعاون في ترشيد المياه واتخذَ قراراً واضحاً يتصدى للمخالفات، لكان أجدى من الصمت وترك الأمور تسبح في وحول الشائعات، والتأويلات، وتعميق المعاناة. وهذا ينطبق على كل المسؤولين الآخرين الذين تشكل أعمال وزاراتهم مثار جدل وتذمرات من قبل المواطنين بسبب تدني مستوى أدائها. إن مجلس الشورى الموقر، مطالب باستدعاء الوزراء المعنيين، كلا على حدة، في جلسات علنية أو مغلقة، لتوضيح المشاكل التي تتسبب في معاناة المواطنين، والحلول المقترحة والإطار الزمني المستهدف من قبل وزاراتهم لتنفيذها. ومن حق المواطن أيضا، أن يطالب بإعلام نشط ميدانياً، يعكس ما يدور على ارض الواقع، ووزارة مالية شفافة توضح أسباب تعثر الصرف على المشاريع، ووزارات خدمات ديناميكية تنجز أعمالها حسب جداول زمنية محددة. إن استمرار أزمة المياه، وغلاء الأسعار، من الأمور التي تبعث على القلق والبلد مقدمة على موسم الحج الذي ليس ببعيد. خاصة وان الحلول تحتاج إلى فترة زمنية ليست بالقصيرة حتى تؤثر في الوضع ويصبح لها مفعول ملموس على ارض الواقع....والله من وراء القصد . ************************** كاتب بصحيفة "المدينة" السعودية.