فجر مقاتلو المعارضة السورية مبنى قيادة الأركان في دمشق يوم الأربعاء ليوجهوا ضربة لقلب سلطة الرئيس بشار الأسد وأشعلوا حريقا دمر المبنى. وأعلن الجيش السوري الحر الذي يسعى للإطاحة بالأسد مسؤوليته عن الهجوم الذي قال إنه أسفر عن مقتل العشرات. لكن بيانا للقوات المسلحة السورية نفى إصابة قادة عسكريين وقال إن عددا محدودا فقط من الحراس أصيبوا في الانفجارين اللذين هزا المدينة بأكملها الساعة السابعة صباحا تقريبا (0400 بتوقيت جرينتش) قبل ساعات العمل العادية. وهجوم يوم الاربعاء هو الأكبر الذي يقع في دمشق منذ 18 يوليو تموز عندما أسفر انفجار عن مقتل عدد من كبار مسؤولي الأمن منهم صهر الأسد آصف شوكت ووزير الدفاع وضابط كبير آخر. ووقع الهجوم في الوقت الذي اجتمع فيه زعماء العالم في الأممالمتحدة حيث يعرقل الجمود بين القوى العالمية بشأن سوريا أي رد دولي على الصراع الذي يقول نشطاء إنه أسفر عن مقتل 27 ألف شخص وأجبر ربع مليون لاجئ سوري على الفرار وخلف 2.5 مليون شخص بحاجة للمساعدات في سوريا. وقال الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني أمير قطر أمام الأممالمتحدة إنه ينبغي للدول العربية أن تتدخل لوقف إراقة الدماء. وقال الأخضر الإبراهيمي المبعوث الدولي الخاص بسوريا إن الوضع في سوريا "سيء للغاية ويزداد سوءا." وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب العنف في سوريا من خلال شبكة من النشطاء على الأرض إن 240 شخصا قتلوا في سوريا يوم الثلاثاء. وأضاف أن معظم القتلى مدنيون لكن العدد يشمل 54 من قوات الأمن الحكومية. وأظهرت لقطات فيديو بثت على الانترنت يوم الاربعاء الحريق المندلع في مبنى قيادة الأركان العامة في ساحة الامويين بوسط العاصمة وأظهرت اللهب وهو يتصاعد من الطوابق العليا للمبنى. وقال ديفيد هارتويل محلل شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة آي.إتش.إس جينز "يثبت الهجوم مجددا أن المعارضة تحتفظ فيما يبدو بالقدرة على ضرب قلب النظام." واضاف "هذا على الرغم من أن الجيش السوري الحر بدا في الأسابيع الأخيرة تحت ضغط نتيجة للقتال في حلب وأجزاء أخرى من البلاد." وغطى السواد البوابة الرئيسية للمبنى تماما في حين نسفت جميع نوافذ المبنى. وتناثرت قطع الزجاج في الشوارع المجاورة وظهرت حفرة عميقة في الطريق أحدثها على ما يبدو انفجار سيارة ملغومة. وقال سكان إن دوي إطلاق النيران سمع في أنحاء المنطقة لمدة ساعتين على الأقل بعد الانفجارين. وسدت الطرق في المنطقة مع تدفق سيارات الإسعاف على مكان الحادث. وقال وزير الإعلام عمران الزعبي للتلفزيون السوري إن كل القيادات العسكرية والمسؤولين في قيادة الأركان ووزارة الدفاع بخير. وأضاف أن قوات الأمن تلاحق "إرهابيين مسلحين" وهو التعبير الذي تستخدمه السلطات في وصف المقاتلين الذين يسعون للإطاحة بالأسد. وقال النشط سمير الشامي إن سبب الانفجارين الرئيسيين تفجير سيارة ملغومة في عملية انتحارية وسيارة ثانية محملة بالمتفجرات عند محيط المجمع. وأضاف "بعد ذلك دخل المقاتلون واشتبكوا مع الامن الموجود في الداخل في حين بدأ بعض الرجال في إحراق المبنى." وتتوافق أقواله فيما يبدو مع شهادة سكان سمعوا دوي إطلاق النار وانفجارات أصغر بعد الانفجارين الرئيسيين. وقال أحد السكان في مكالمة هاتفية "كان الانفجاران مدويين جدا. هزا المدينة بأكملها وكانت نوافذ منزلنا تهتز... كان الدخان الاسود يتصاعد من المنطقة قرب مبنى أركان الجيش." وقال مراسل لقناة المنار التابعة لحزب الله المدعوم من الأسد إنه توجه للمبنى بعد الانفجار ورأى جثث ثلاثة "مسلحين" مما يعني حدوث اشتباكات بين قوات الامن ومقاتلي المعارضة في المبنى. وقال أحد السكان "استيقظت الساعة السابعة إلا أربع دقائق من صوت الانفجار الاول المدوي. بعد خمس أو ست دقائق وقع انفجار ثان." وأضاف "نحن معتادون على صوت المدفعية لكن هذه الأصوات كانت مدوية جدا أكثر من المعتاد." وقالت قناة برس تي.في الإيرانية التي تبث ارسالها بالانجليزية إن قناصا من مقاتلي المعارضة قتل بالرصاص أحد مراسليها وأصيب مدير مكتب القناة بينما كانا يغطيان احداث التفجيرين يوم الاربعاء. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مسلحين موالين للأسد قتلوا 16 شخصا على الأقل في دمشق يوم الاربعاء. وأضاف المرصد أن من بين القتلى في حي برزة الفقير المؤيد للمعارضة ثلاثة اطفال وستة نساء. ومع عدم وجود احتمال منظور للتدخل الأجنبي وتعثر الجهود الدبلوماسية أصبح مقاتلو المعارضة الذين يعانون نقصا في السلاح يعتمدون بشكل متزايد على القنابل البدائية في محاولة لتحقيق تكافؤ في المعركة في مواجهة عدو يستخدم المقاتلات والمدفعية والدبابات. وفي الاجتماع السنوي للجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة في نيويورك سعى الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند إلى الخروج من حالة الجمود الدولي ازاء الأزمة من خلال دعوة الأممالمتحدة إلى حماية المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية. وقال أولوند في كلمته "النظام السوري ... ليس له مستقبل بيننا." واضاف "دون أي إبطاء أدعو الاممالمتحدة لان توفر على الفور للشعب السوري كل الدعم الذي يطلبه منا وحماية المناطق التي تم تحريرها." وستتطلب حماية المناطق "المحررة" ان تفرض طائرات أجنبية حظرا للطيران مما قد يمنع الغارات الجوية التي تشنها قوات الأسد على المناطق المأهولة بالسكان. لكن ليس هناك احتمال كبير في الحصول على تفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمثل تلك الخطوة في ظل معارضة روسيا والصين اللتين تملكان حق النقض (الفيتو). وساندت الولاياتالمتحدة وحلفاء اوروبيون وتركيا ودول خليجية المعارضة السورية بينما تدعم ايرانوروسيا والصين الاسد الذي تنتمي اسرته الى الاقلية العلوية. لكن القوى الغربية لم تصل إلى حد تقديم المساعدة العسكرية للمقاتلين بدرجة يمكن ان تحدث تحولا في الصراع ومن أسباب ذلك الخوف من تسليح متشددين إسلاميين انضموا إلى الانتفاضة ضد الرئيس السوري.