نشرت جريدة الوطن قصة المواطن محمد مطاعن الجعفري "في العقد السادس من عمره" الذي هجر اليابسة ويعيش في منزل خشبي بناه بنفسه في البحر جهة شواطئ الكورنيش الشمالي بمنطقة جازان، يعشق البحر حد الجنون، مبتسم في وجه السماء، فصول عشقه بدأت من الزمن البعيد منذ أن كان في السابعة من عمره وبعد أن توفي والده قرر البحث عن لقمة العيش بنفسه. 40 عاما هي المدة التي عاشها المسن في البحر متمسكا بعاداته وتقاليده مع قصة كفاح مارس خلالها مهنة الصيد التي توارثها عن آبائه وأجداده، يصحو على صوت المذياع ليظفر بما جمعه من الأسماك بعد أن نصب شباكه مع غروب شمس اليوم السابق. وليست حياته بالطبع دوما بتلك الرومانسية والجمال التي تبدو عليه من الخارج، فكثيرا ما يجد نفسه أمام أمواج البحر العاتية متحديا ظروف الطبيعة من عواصف وأمطار. وعلى الرغم من الرضا بحياته البسيطة إلا أن حلم امتلاك منزل على سطح الأرض والعثور على شريكة الحياة كثيرا ما يراوده وينغص عليه عيشته الهادئة. يلتزم بيته وسط المياه طوال الوقت ولا يجد نفسه مضطرا للخروج منه إلا عندما يلحظ عن بعد مظاهر الفرح أو الحزن التي تستجد على قريته الصغيرة "قوز الجعافرة" رغبة منه في زيارة أقربائه ومشاركة أهل قريته أفراحهم وأحزانهم، إلا أنه دوما ما يخجل من زيارة الآخرين لمنزله المتواضع حيث يعمد كثير منهم إلى تقديم الطعام والشراب له. وعن حياته في ذلك المنزل الخشبي في بحر جازان يقول المواطن جعفري إنه منذ السابعة من عمره وهو يهوى الحياة البحرية ويمارس هوايته في صيد السمك التي تعد مهنته الأولى التي ورثها عن الآباء والأجداد، حيث لم تشغله عنها أي من المهن الأخرى، رغم أنه عمل حدادا ثم بناء وبعدها عمل في إحدى شركات التنقيب بالربع الخالي ويتقاضى حاليا ضمانا اجتماعيا قيمته 900 ريال. وأشار إلى أن عدم امتلاكه لمنزل يؤويه جعله يمكث في منزله بالبحر طيلة 40 عاما. وقال بنيت منزلي بيدي بعد أن جمعت الأخشاب المتناثرة من أماكن عدة من مدينة جازان وأغير خشب المنزل كل 4 سنوات كي لا يسقط بي في قاع البحر. ويضيف: استقبل في منزلي بعض الزوار وأقدم لهم التمر والقهوة لكني لا أقبل مساعدتهم لي بتقديم الطعام والشراب. وكشف الجعفري أنه ساهم بشكل كبير في إحباط عدد من عمليات التهريب لبعض ضعاف النفوس وذلك بالتعاون مع أفراد حرس الحدود. وعن يومه داخل البحر وكيف يقضيه قال: أنصب شباكي بعد غروب الشمس وأمكث في منزلي مستمتعا بصوت "كوكب الشرق" أم كلثوم عبر المذياع الذي هو بمثابة الصديق بالنسبة لي وبعدها أخلد إلى النوم لأصحو مرة أخرى على صوت المذياع معدلا موجته على إذاعة القرآن الكريم، ثم أتوجه لجمع ما حصلت عليه من صيد وفير وأذهب به إلى سوق السمك بمدينة جازان لأعود ومعي وجبة الغداء، وأعيش بعد الانتهاء من ذلك اليوم متفائلا بيوم جديد. وعن حبه للحياة في البحر قال: لو خيرت بين أن أدفن في قاع البحر أو في اليابسة لاخترت البحر. وعن ما يشغل فكره باستمرار، أشار إلى أنه يحلم بشريكة حياة تناصفه همومه، وبمنزل يجمعه بها تحت سقف واحد.