تمكنت قوات اميركية خاصة من مشاة البحرية يطلق عليها اسم (اسود البحر) من قتل زعيم تنظيم القاعدة في عملية استمرت أقل من 40 دقيقة في منزل فخم تقدر قيمته بمليون دولار كان يقيم فيه مع أفراد من عائلته في بلدة أبوت آباد قرب العاصمة الباكستانية إسلام اباد، وتمكنوا من تحديد مكانه بعد مراقبة ( ساعيي بريد خاصين) يعملان لصالحه. وأوضح مسؤولون اميركيون في إيجاز صحافي في البيت الابيض إنه في بداية أيلول/سبتمبر الماضي بدأت وكالة الاستخبارات المركزية "C I A" في العمل مع الرئيس باراك أوباما على تقييم معلومات تشير إلى احتمال تحديد مكان تواجد بن لادن في باكستان، وفي شباط/فبراير الماضي "توصلنا إلى أنه يوجد أسس استخبارية سليمة" لاتخاذ الإجراءات. وقال المسؤولون إنه منذ سنوات طويلة لدى تحديد أن بن لادن يشكل تهديداً، جمعت وكالة المخابرات الاميركية معلومات حول الدائرة الداخلية المحيطة ببن لادن، وقد قدم الأشخاص الذين ألقي القبض عليهم بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر معلومات حول أشخاص يعملون لتقديم دعم مباشر ل بن لادن ومساعده أيمن الظواهري بعد هروبهما من أفغانستان. و"أثار شخص واحد اهتمامنا باستمرار"، وقد قدم المعتقلون اسمه الحركي وقالوا إنه كان يحظى بحماية خالد الشيخ محمد، العقل المدبر لاعتداءات 11 ايلول/سبتمبر، وأنه أحد "الرسل القلة في تنظيم القاعدة الذين يثق بهم بن لادن"، وأشاروا إلى أنه قد يكون يسكن مع زعيم القاعدة ويحميه. أوضح المسؤولون أنه قبل 4 سنوات تمكنوا من تحديد هوية هذا الشخص، وبعدها بسنتين تم تحديد المناطق التي ينشط فيها مع أخيه في باكستان ولكن لم تتمكن الاستخبارات الأميركية من اكتشاف مكان سكنهما بسبب حرصهما الشديد، ما أكد أن الأميركيين على الطريق الصحيح. وفي آب/أغسطس 2010 "عثرنا على مكان إقامتهما، وهو مجمع في أبوت آباد في باكستان" وهي بلدة قريبة من إسلام أباد، يسكنها الكثير من العسكريين الباكستانيين المتقاعدين، وبعيدة عن الكوارث الطبيعية والهجمات الإرهابية التي أصابت مناطق أخرى في باكستان. وأضاف المسؤولون "حين رأينا المجمع الذي يقيم فيه الأخوان، ذهلنا لما رأيناه، فقد كان مجمعاً فريداً جداً"، وقد أقيم في منطقة كانت معزولة عند بنائه العام 2005 وهو أكبر بحوالي 8 مرات من المنازل الأخرى في المنطقة. ولكن منازل أخرى قد شيدت على مقربة من المجمع خلال السنوات الستّ الأخيرة. وقد أحيط المجمع بأسوار يصل ارتفاعها إلى بين 12 و18 قدم وأسلاك شائكة وجدران داخلية، وبوابتين أمنيتين. ويحرق سكان المجمع نفاياتهم على عكس بقية السكان في الجوار الذين يضعون نفاياتهم في الخارج ليجمعها عمال القمامة. والمبنى الأساسي من المجمع مؤلف من ثلاث طبقات ونوافذ قليلة تطل إلى الخارج، وقدرت قيمة المنزل بحوالي مليون دولار ولكن لا تصل إليه خدمات الهاتف والانترنت، ولم يكن لدى الأخوين أي مصدر لتبرير ثروتهما. وتوصل عملاء الاستخبارات إلى تحليل يفيد أن المعسكر أنشئ حسب الطلب لإخفاء شخص بالغ الأهمية، وقال المسؤولون "عرفنا أن أشخاصاً آخرين يعيشون في المجمع غير الأخوين وعائلتيهما، فعائلة ثالثة أقامت هناك، وعددها وقوامها يلائم أفراد عائلة بن لادن الذي اعتقدنا أنهم يرافقونه"، وأشاروا إلى أنه استناداً إلى معلومات استخبارية أفيد أن بن لادن يقيم في المجمع مع أفراد من عائلته بينهم زوجته الأصغر سناً. وقالوا إن كل ما رأوه كان يتطابق مع الفكرة التي وضعتها الاستخبارات حول شكل ملجأ بن لادن، ولم يتلاءم أي مرشح آخر مع تلك المواصفات. وأوضح المسؤولون أن الرئيس باراك أوباما منح يوم الجمعة الماضي الإذن بشن العملية التي نفذها فريق صغير من الأميركيين صباح الأحد بتوقيت باكستان. وقد شنت مروحية أميركية غارة على المجمع، ثم نفذ فريق صغير العملية التي شددت على تفادي وقوع أضرار جانبية لتفادي وقوع ضحايا في صفوف الأشخاص غير المقاتلين في المجمع والمدنيين الباكستانيين في الجوار. وقال المسؤولون "بقي فريقنا في المجمع لأقل من 40 دقيقة ولم يلتق أي سلطات محلية فيما نفذ المداهمة"، وقد قتل في العملية بن لادن، إلى جانب 3 رجال يعتقد أنهم مرسلي البريد الخاصين وأحد أبناء زعيم القاعدة، وقد قتلت امرأة حين استخدمها أحد المقاتلين كدرع بشري وأصيبت امرأتان أخريان بجروح. وخلال العملية تعرضت مروحية لعطل ميكانيكي فدمرها الفريق وغادر على متن المروحية الأخرى، وقال المسؤولون إن كل الأشخاص غير المقاتلين أبعدوا عن المجمع قبل تفجير المروحية. وشدد المسؤولون على أن الولاياتالمتحدة لم تتشارك المعلومات الاستخبارية حول المجمع مع أي دولة أخرى بما فيها باكستان لدواع أمنية، مشيرين إلى أن عدداً صغيراً فقط ضمن الحكومة الأميركية علم عن العملية. وقال المسؤولون إنهم يدركون أن مقتل بن لادن قد يعرض الولاياتالمتحدة والأميركيين في الخارج لخطر شن هجمات انتقامية من المتعاطفين مع القاعدة غير أن واشنطن تتخذ كل الإجراءات لحماية الأميركيين في الولاياتالمتحدة والخارج. وأوضحوا أن الولاياتالمتحدة ستظلّ عرضة للأخطار وستظلّ تحاربها، وعلى الرغم من أن القاعدة "لن تتفكك مباشرة غير أن فقدان بن لادن سيضع التنظيم على طريق انحدار سيصعب عكسه". واعتبروا أن مقتل بن لادن جاء في وقت حساس من تاريخ الشرق الأوسط، بعد أن كان يعترض ما يخاطر الرجال والنساء في المنطقة بحياتهم من اجله أي الحقوق الفردية والكرامة البشرية.