تخيل أن ترى رجلا ميتا "يقوم من بين الأموات" أمام ناظريك، هذا ما حصل مع عامل التربة بعد دخوله المقبرة بعد أن أخذ تصريح، وما إن رأى الرجل أصابته أزمة قلبية وتوفي على الفور. ف "حسين" ليس مواطنا عاديا بل هو مأساة مواطن فقير بالكاد يحيا، لفظته الحياة فهرب منها على غير رغبة منه إلى غيبوبة، ورأى الأطباء خطئاً أو رأفة بظروفه أن يسدل الستار على معاناته ويستخرجوا له تصريح دفن، لكن الموت لم يكن به أرحم من الحياة، ولم يحتمله أكثر من ثلاثة ليال ثم ضاق به فقذفه لحياة أقسى من الموت. هذا هو ما حدث فقد اعتبروه ميتاً لمدة ثلاثة أيام قضاها داخل القبر، ثم عاد بعدها للحياة مرة أخرى كشاهد حي القصة كما يرويها حسين "الميت الحي" - كما يطلق عليه الآن - تبدأ من عودته من عمله ذات ليلة، حيث يعمل خراطا، وتناوله عشائه المعتاد وذهابه في نوم عميق لم يفق منه إلا بعدها بخمسة أيام، حيث أصيب بغيبوبة صباح اليوم التالي قرر الأطباء على إثرها أنه مات مسموما وتم نقله إلى مستشفى أحمد ماهر حيث استخرجت له شهادة الوفاة وتصريح الدفن. وكالمعتاد في مثل هذه المناسبة غسل الفقيد وصلي عليه صلاة الجنازة ووري جثمانه الثرى بجوار جثمان والده، وأقام أهله سرادق لتلقي العزاء وسط حالة من الحزن الشديد ومراسم الحداد القاسية، خاصة وأن الفقيد "الحي" كان حينها في ريعان شبابه ولم يمر على زواجه سوى شهرين فقط. وتابع حسين سرد قصة خمسة أيام قضاها في عالم الأموات انه بعد استيقاظه في اليوم الثالث على تلك المفاجأة ظل يصرخ وحاول الخروج من القبر باتجاه السلالم المؤدية لباب المدافن إلا أن شيئا ما أو شخص ما أمسك بقدمه مما أصابها بالتيبس إلى الآن وبجرح غائر، ثم يقول حسين" قعدت ازحف وقعدت يومين على السلم أصرخ وأنادي على حد ينقذني وفي اليوم الخامس التربي جاب تصريح وأول ما دخل وشافني جاتله أزمه قلبيه ومات". وواصل حسين العائد للحياة بعد ثلاثة أيام من الموت أنه بعد ما حدث له ومشاهدته لحادث موت "التربي" تم نقله لمستشفى أحمد ماهر وفورعلم والدته بالواقعة جاءت لزيارته وبمجرد أن رأته ابتسمت ثم سقطت مفارقة الحياة، بعدها يقول حسين إنه ظل بالمستشفى فاقدا للقدرة على الكلام لمدة ثلاثة شهور قبل أن يغادرها عائدا لحجرته مرة أخرى.