بصفتي ولي أمر لطالبةٍ في عمر "البراعم" لم أحتمل مشهد قفز الطالبات المسكينات من نوافذ الدور الثاني , وهل يستطيع أن يحتمله إنسان فضلاً عن مسئولٍ تعليمي أو اسعافي أياً كان جنسه أو نوعه أو حالة ضميره. ولو كان هناك من عزاء نواسي به حالة الذهول التي تنتابنا فإن الفضل يعود لذلك الجهاز الصغير ذو كاميرة التصوير , تلك الجوالات التي لولاها لما ظهرت خيانة هذا المسئول أو ذاك ولبقينا زمناً نستجدي من إعلامنا كذبةً مسكنة أو تقريراً صحفياً اسبرينياً أو صورةً إيجابية مفبركة لمسئول ما. فيا أيها المسئول الخائن لأمانته إذا كان لا زال يداعبك الفضول لتعرف مقدار الألم الذي يعيشه الأب و تعيشه الأم عندما يريان ثمرة فؤادهما تتدلى من نوافذ الأدوار العليا بالمدرسة والنيران تلفح يديها ووجهها وهي تصرخ بل أكيد أنها كانت تصرخ بابا بابا ماما ماما , فاعلم بأن ابنتنا عندما تعاني من الإنفلونزا فترتفع حرارتها يكون ذلك فقط كافياً لأن يُذهب نوم أبيها وأمها تاليَ الليل لتبيت بينهما يُراعيانها بتكميدٍ وأدوية ودعواتٍ ودموعٌ حانية يعتصرها الم الضنى في أواخر الأسحار إلى أن تصبح على خير. ما علينا . . فهذا الكلام كله قد لا يعني المسئول في شيء .. وأعترف بكل صراحة بأن كل تساؤلاتي هذه وألمي ورثائي للحال الذي وصلنا اليه إنما هي مجرد ثرثرة وجدت الإجابة ساعتها عندما أطلقت التساؤل نفسه وأنا أشاهد ذلك المشهد الفضيع حين سألت بدهشة أين الإنقاذ وتلقائياً أجبت نفسي بنفسي .. كل تبن.