كعادتي لا أكتب إلا متأخرا، وذلك بعد (ما يكثر الهرج والمرج) في أي موضوع ساخن وذلك حتى لا أحترق بلهيب ذلك الموضوع وشراراته المتطايرة وأشتعل حينها، لذا تأخرت حتى هذا الوقت في كتابة هذا الموضوع عن غلاف كتاب الرياضيات المقترح للصف الثاني الابتدائي والذي قد صخب صداه وكثر الجدل فيه وأثار ردود فعل غاضبة في الساحة التعليمية خلال الأيام المنصرمة، لكن لم يترك الأمر برمته هكذا لا، بل خرج بعد ذلك لنا المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم الدكتور فهد الطياش يقول: إن وزارته لم تقم بتوجيه أمر لسحب كتاب مادة الرياضيات وبحكم التجربة للغلاف لأكثر من 20 رسما قمنا باستبدال غلاف مجرب هو الآخر من ضمن الأغلفة التجريبية. ثم استغرب الطياش الفهم لدى البعض من أن الصورة التي يحتويها الغلاف هي صورة حمار بل هي في الواقع صورة لحيوان ثديي من الحيوانات التي تعيش في شمال أوروبا وشمال أمريكا ويسمى بقرة وليست له أي صلة بالحمار! على ما يبدو لي أن الدكتور الطياش كان يتوقع أن مستوى أساليب التعليم في وزارة التربية والتعليم وطرقها ومخرجاتها قد وصلت إلى مستوى التعليم الإبداعي المبتكر في حل المعضلات عن طريق التحفيز الذهني والاستنتاج المعرفي والتحليل المنطقي والتفكير واستخدام الدلالات والإيحاءات وربطها بعضها ببعض ومن ثم البرهان عليها! (يعني بالله عليكم يا جماعة)، كيف لا تستطيعون التمييز بين الحمار والبقرة ؟ وكيف لا تميزون الحيوانات الثديية التي تعيش في شمال أوروبا وأمريكا الباردة وبين ثدييات مناطقنا الصحراوية الحارة؟ (صحيح فشلتونا مع الوزارة) ربما كان اللبس الذي قد انبرى هاهنا مؤخرا، يستدعي منا النظر والوقوف مليا في مناهجنا التعليمية، وإعادة صياغتها وهيكلتها وإثراء محتواها بأسلوب منهجي تعليمي تربوي حديث ومغاير، يثري الحراك المعرفي والإبداعي وينميه، والتي نأمل أن تكون مخرجاتها ترتقي بالجيل الصاعد القادم من أبنائنا وبناتنا وتواكب مثيلاتها من المناهج التعليمية المتطورة في الدول المجاورة! د. علي حسين الحداد