أبلغت الشؤون الصحية بمحافظة الطائف نظيرتها بمنطقة الباحة عن وادي "تربة زهران" الذي تسبب في إصابة مجموعة من الأشخاص من سُكان جنوبالطائف بأعراض غريبة ومجهولة؛ نتيجة سباحتهم في الوادي بعد هطول الأمطار على المنطقة في وقت سابق، فيما يتوقع تشكيل لجان من الطب الوقائي للوقوف على وضع الوادي والبحيرة التي تسببت في المُشكلة، وأخذ عينات منها لمعرفة محتواها. وكان المرضى المنوموّن قد غادروا المُستشفيات الحكومية والعسكرية بمحافظة الطائف بعد أن ظهرت عليهم أعراض غريبة وغامضة في الأيام الأخيرة من رمضان الماضي، فيما أظهرت نتائج التحاليل الطبية الخاصة بالمرضى الأربعة الذين كانوا يخضعون للتنويم والمتابعة الطبية بمُستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي بالطائف إصابتهم بالبلهارسيا، وينتظر البقية -خصوصاً من خضعوا للتنويم بمستشفى الهدا للقوات المُسلحة- نتائج التحاليل التي أُرسلت في وقت سابق لألمانيا.
وكانت أوضاع ثلاثة من الثمانية شُبان الذين ظهرت عليهم الأعراض الغامضة قد تطورت، حيث ظهرت بكامل أجسامهم بُقع حمراء على شكل دوائر تشبه آثار الكيّ، مُسببةً لهم آلاماً شديدة يصحبها حكة دامية حتى شُفوا تدريجياً، وغادروا المستشفى، لكن خوفهم من عودة الأعراض لا زال يعتريهم.
وتفاعلت مُديرية الشؤون الصحية بمحافظة الطائف مع قضية الشُبان المُصابين بالأعراض الغامضة، الذين خضعوا للتنويم في عدة مستشفيات حكومية بعد أن نشرت "سبق" قصتهم، حيث تم تشكيل لجنة من "الطب الوقائي" زارت المصابين وقتها بمُستشفيات الطائف؛ أربعة منهم بمُستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي، واثنان بمُستشفى الهدا للقوات المُسلحة.
وناقشت اللجنة المُصابين المنومين بالطائف بحالتهم، وأخبرتهم بأنه لم يتم تشخيص المرض ولا حتى إيجاد العلاج حتى رفعت تقاريرها، وبموجبها بدأت الشؤون الصحية بالطائف مخاطبة نظيرتها بمنطقة الباحة باعتبار أن "وادي تربة زهران" يقع في حدودها، حتى تُباشر الأخيرة عن طريق لجان الطب الوقائي التابعة لها الوقوف على الموقع، وسحب عينات من البحيرة.
كما اضطر عدد من الأطباء والاستشاريين وقتها لإجراء تحليل مزرعة لثمانية مواطنين وإرساله لألمانيا، بعد أن عجزت خمسة مستشفيات حكومية عن تشخيص حالتهم التي ظهرت أعراضها وبشكل مُحير منذُ التاسع من رمضان الماضي، فيما جرى تنويمهم بتلك المُستشفيات، وإبقاؤهم تحت العلاج والمُتابعة الطبية لحين خروجهم ومغادرتهم تلك المستشفيات.
وكان 13 شخصاً من سُكان محافظة الطائف قد قاموا برحلة ونُزهة لمنطقة "تُربة زهران" جنوب المُحافظة يوم 17 من شهر شعبان الماضي، وأمضوا فيها أربعة أيام؛ للاستمتاع بالأجواء بعد هطول الأمطار الغزيرة وجريان السيول، إلا أن تسعة منهم، أحدهم في العقد الثامن من عمره، سبحوا في الوادي المليء بمياه السيول الراكدة مع وجود أعداد كبيرة من المُتنزهين.
ويوم 21 من شعبان غادروا جميعاً المنطقة وعادوا لمنازلهم، سواء في الطائف، أو منطقة بني سعد جنوب المحافظة، لكن أحدهم شعر ببعض الأعراض بدأت منذ اليوم الأول من الشهر الكريم، وزادت حدتها، وأجبرته على الذهاب للمُستشفى في اليوم التاسع من رمضان.
وسرعان ما لحق به سبعة آخرون شعروا بنفس الأعراض التي تمثلت في ارتفاع شديد في درجة الحرارة وصلت إلى 41 مع تعرق وصداع، كما حدثت للبعض منهم حالات تشنج وقيء متواصل وآلام في البطن وتعب وتكسر في الجسم وخمول وغثيان بين فترة وأخرى، بخلاف فقدان الشهية عن الأكل والماء.
وجرى تنويم الثمانية شُبان في خمسة مُستشفيات؛ اثنان في مستشفى الهدا للقوات المُسلحة، وأربعة في مستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي، وواحد بمستشفى الملك فيصل بالطائف وخرج على مسؤوليته، وواحد في مُستشفى السحن بني سعد جنوبالطائف، وواحد في أحد مستشفيات العاصمة المقدسة، وجميعهم سبحوا في ذلك الوادي المليء بمياه السيول والأمطار، في حين بقي التاسع، وهو مُسن يبلغ من العمر 85 عاماً، حيث لا يزال بصحة جيدة، ولم يشعر بما شعر به الشُبان على الرغم من أنه سبح معهم.
ومنذ ذلك الوقت تباينت آراء الأطباء من حيث التشخيص، ففي مستشفى السحن بني سعد ذكروا أن السبب التهاب في الحلق، واكتفوا بجرعة الفولتارين، إلا أنه بعد انتهاء مفعولها تعود الأعراض من جديد, وفي مستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي بالطائف قالوا بحدوث تكسر بصفائح الدم وانخفاض بكريات الدم البيضاء, حتى ظهرت نتائج تحاليلهم، وأخبروهم بأنهم مُصابون بمرض البلهارسيا.