وافق أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ، الذي ترعاه "سبق" إلكترونياً، على اقتراح اللجنة المشرفة على فعاليات السوق باختيار "الأعشى" شاعراً للسوق في نسخته السابعة 1434ه. وأوضح أمين سوق عكاظ الدكتور جريدي المنصوري أنه تم تكليف فريق عمل لكتابة نص المسرحية، التي من المقرر أن تعرض في الحفل الافتتاحي، كما سيتم عرضها لمدة خمسة أيام على مسرح خيمة سوق عكاظ التي دُشنت العام الماضي.
وذكر "المنصوري" أنه تم اختيار الأعشى شاعراً لسوق عكاظ في دورته السابعة؛ كونه أحد الشعراء الذين أجادوا أبواب الشعر، وأبدعوا في أغراضه، كما أعده النقاد أحد الشعراء الأربعة الأوائل (امرؤ القيس، النّابغة الذبياني، وزهير بن أبي سلمى).
وأضاف: وصفته العرب بأنه "صناجة العرب وطناجة الغرب"، ومن أبرز ما كان يميزه أنه لم يكن يمدح قوماً إلا رفعهم، ولم يهجُ قوماً إلا وضعهم؛ لأنه من أيسر الناس شعراً، وأعظمهم فيه حظاً، كذلك يعتبر أحد أبرز شعراء المعلقات.
وأكد "المنصوري" أن مسرحية "الأعشى" تأتي امتداداً للمسرحيات التي سبق عرضها في الأعوام الماضية؛ إذ أدرجت المسرحيات ضمن خطط السوق، وقدمت مسرحيات لامرئ القيس، زهير بن أبي سلمى، طرفة بن العبد، وعنترة بن شداد، وفي العام الحالي الأعشى.
وأشار إلى أن فعاليات سوق عكاظ شهدت استعادة "العكاظيون الجدد" راية الشعر العربي الفصيح من أسلافهم أصحاب المعلقات، التي بهرت العالم قبل نحو 15 قرناً، وخلال دورة السوق السابقة، وعبر الأعمال المسرحية، أكد "العكاظيون الجدد" امتداد راية الشعر العربي الفصيح من الأسلاف إلى الأحفاد؛ إذ يحتكم شاعر من العصر الحديث إلى أحد أهم شعراء العصر الجاهلي بهدف إيصال رسالة فحواها أن المثقفين والمبدعين والشعراء اليوم امتداد لأسلافهم العكاظيين قبل 1500 عام.
وأضاف بأنه خلال حفل الافتتاح ينشد شاعر العصر الحديث أبياته على صخرة سوق عكاظ، حيث كان ينشد أصحاب المعلقات السبع أشعارهم أمام قبائل العرب قاطبة إبان العصر الجاهلي، فيقوم شاعر العصر السالف بتسليم راية عكاظ لشاعر العهد الحالي، تأكيداً على أحقيته في حملها بعد التاريخ الطويل على رحيلهم.
وفي جانب الفعاليات قال "المنصوري": سيقدم السوق لزائريه هذا العام برنامجاً متكاملاً، يضم عناصر عدة فكرية وأدبية وثقافية وعلمية وتراثية، تعبر عن رؤية سوق عكاظ وأهدافه، من خلال مد جسور بين الماضي والحاضر والمستقبل، مدعوماً بتكاتف جهود وزارات وجهات حكومية عدة من أجل إنجاح سوق عكاظ عبر إشرافها على أعمال التنظيم وإعداد أنشطته وبرامجه المتنوعة، في مقدمتها إمارة منطقة مكةالمكرمة، والهيئة العامة للسياحة والآثار، ووزارات التربية والتعليم، التعليم العالي والثقافة والإعلام، إضافة إلى محافظة الطائف، التي تؤكد حرصها كل عام لإثراء الزائر، ومنحه الفائدة والمتعة في آن.
وأشار إلى أن برامج سوق عكاظ تضم ضمن البرامج الثقافية مجموعة من المحاضرات والندوات والأمسيات الثقافية والأدبية والعلمية، بمشاركة نخبة من المثقفين والأدباء والمفكرين والشعراء السعوديين والعرب، كما يتضمن برنامج "جادة سوق عكاظ" على مجموعة من الأنشطة المتنوعة التي تحاكي سوق عكاظ التاريخي، إلى جانب نماذج من الأنشطة الاجتماعية والثقافية التي كانت تقام في السوق قديماً، وتنظمها الهيئة العامة للسياحة والآثار.
وتعود سيرة الشاعر العربي ميمون بن قيس الملقب ب"الأعشى" بعد أكثر من أربعة عشر قرناً من رحيله إلى الواجهة؛ ليكون الشخصية الشعرية والمسرحية والنقدية لمهرجان سوق عكاظ الثقافي والتراثي في دورته السابعة؛ فقد كان أحد ألمع الوجوه الشعرية في السوق التاريخي قبل وفاته عام 629م الموافق السنة السابعة من الهجرة.
وعاش الشاعر الأعشى في قرية "منفوحة" أحد أحياء العاصمة الرياض التي عاش بين وديانها الخصبة وأجوائها لطيفة المناخ، التي اشتهرت بزروعها ونخيلها. ولُقب الشاعر بالأعشى لضعف بصره، وعندما شبّ بدأ سياحته الطويلة في الأرض، وكان سلاحه لسانه الذي أخاف الملوك والسادة والعظماء، وجعلهم يتسابقون لكسب رضاه تجنباً لهجائه لهم، لكن الشاعر كان أقرب إلى المديح منه إلى الهجاء.
وخلال رحلاته زار "الأعشى" اليمن، ونجران، وعدن، وعرّج على الحجاز، وانتقل إلى المشرق والبحرين والعراق، ووصل إلى بلاد الفرس، وزار الشام، وتاخم الروم، كما كانت الحبشة وحضارتها محطة لشاعر منفوحة الذي أصبح في وقته من ألمع الشعراء، وشخصية صاخبة ضاجة في ديوان الشعر العربي.
وأثناء ترحاله قدم "الأعشى" إلى الحجاز لمقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن صناديد قريش الذين عارضوا النبوة وكانوا في هدنة معه وقفوا له في الطريق، وحاولوا إثناءه عن مقابلته لقناعتهم بأن إعلان إسلامه سيجعل أكثر العرب يعلنون إسلامهم، وأغروه بالمال، وطلبوا منه العودة إلى منفوحة، وعند عودته سقط من فوق الناقة ودق عنقه فمات.