حصلت "سبق" على نتائج الدراسات التي أنجزتها لجنة حقوق الإنسان، والعرائض بمجلس الشورى المقدمة من عبدالله العلمي وآخرين، وتحمل توقيع 3000 من المواطنين والمواطنات من مختلف مناطق السعودية، الذين يطلبون فيها من مجلس الشورى مجرد مناقشة السماح للمرأة بقيادة السيارة بالسعودية، وفق الضوابط الشرعية والوطنية والتعليمات المقترحة في هذا الخصوص. وكشف الخطاب المُقدم من رئيس لجنة حقوق الإنسان والعرائض السابق، سليمان الزايدي، إلى رئيس مجلس الشورى عن أن دور لجنة حقوق الإنسان والعرائض بمجلس الشورى يحتّم عليها أن ترد على كل ما يُحال إليها من طلبات واستفسارات، ومنها ما يتعلّق بموضوع قيادة المرأة للسيارة، ولاسيما أن مجلس الشورى هو الجهة التشريعية والرقابية؛ فيمكنه الاستجابة إلى طلبات المواطنين، وطرح هذه القضايا والتساؤلات للنقاش، وأن مجرد طرحها للنقاش يعطي المجلس مصداقية كبرى بين أبناء الشعب؛ ليحوز ثقتهم كمجلس شورى يمثّلهم ويتبنى مناقشة قضاياهم.
وعلمت "سبق" أن الخطاب تم تقديمه قبل نهاية الدورة الماضية، واطّلعت اللجنة على العريضة، وبدراسة اللجنة لها رأت وجاهة مطالبها، وقبولها، واقترحت إمكانية مناقشتها؛ بناءً على المبررات الآتية: - تحريم الخلوة غير الشرعية بالمرأة، والغريب أنها هي الحالة التي تقع في الحياة بشكل ملحوظ؛ إذ تشكّل أكثر من 70% على أرض الواقع.
- المؤشرات الداعمة لهذه القضية من اللجنة الخماسية، وليس اللجنة الدائمة، أو هيئة كبار العلماء، خاصةً أنه مضى على الفتوى الأولى أكثر من 20 عامًا، ومن العوامل التي اتفق العلماء على تغيير الفتوى عوامل كثيرة، مثل: تغير المكان، وتغير الزمان، وتغير الحال، وتغير العرف، ولُمِس ذلك في فتاوى مثل: فتاوى كانت لا ترى التأجير المنتهي بالتمليك، ومع ذلك صدر نظام التأجير المنتهي بالتمليك، وكذا التأمين التعاوني الذي كان محرمًا، وصدرت فتاوى تجيزه.
- القيادة السياسية والتنفيذية قطعت كل الملابسات في هذه القضية، حينما أوضح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- أن "قيادة المرأة للسيارة قرار اجتماعي، وأن دور الدولة هو ضمان توفير المناخ الملائم لأي قرار يراه المجتمع مناسبًا، بما ينسجم مع مبادئ الشريعة الإسلامية وتعاليمها التي ترتكز عليها الدولة". - الاستحقاق الحقوقي في الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها السعودية، منها: اتفاقية سيداو التي تقضي بعدم التمييز ضد المرأة، ومنها حق التنقل واستخدام مواصلاته، فضلاً عن أنه لا يوجد نص شرعي يحرم قيادة المرأة للسيارة، والأصل في الإسلام الإباحة ما لم يرد نص شرعي بالتحريم.
- أعداد الخريجات، سواء من الثانوية العامة أو الجامعات، يبلغ نحو 200 ألف خريجة سنوية، فضلاً عن أن سوق العمل متعطشة للقوى العاملة النسائية الماهرة والمدربة والمتعلمة؛ حيث تبلغ نسبة عمل المرأة بالسعودية 5.5%، وهو الأدنى مقارنة بنسبة مشاركة المرأة في قوى العمل في العالم، وذلك حسب إحصاءات منظمات دولية، فضلاً عن النمو السكاني المتزايد. وفي ظل عامل قيادة السيارة الذي ربما يصبح عاملاً أساسيًا في تعطيل نصف القوى العاملة في المجتمع، وعدم الاستفادة من إمكاناتها وطاقتها.
- الإحصاءات الحديثة الصادرة عن وزارة العمل مؤخرًا كشفت عن ارتفاع نسبة الطلب على استقدام السائقين الخاصين الأجانب بنسبة 40% نتيجة للزيادة المطردة في عدد العاملات، ومن المتوقع حسب صحيفة "الوطن" في عددها بتاريخ 2008/ 4/ 5 أن يصل عدد العاملات في عام 1435ه إلى 803 آلاف عاملة، أي ضعف العدد الحالي تقريبًا "480 ألفاً"؛ ما يعني أنّ عدد السائقين سيتضاعف. وبكلمات أخرى، ومع الزيادة الحالية في العمالة الأجنبية، فإن عدد العمال الأجانب سيتجاوز ما هو عليه حاليًا.
- الاستحقاق الدولي الفني لاتفاقية فيينا الدولية للمرور، التي صدرت عام 1949-1968م، وقرار مجلس الشورى رقم 110/ 72 وتاريخ 6/ 2/ 1430ه، وقرار مجلس الوزراء بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية فيينا، التي تنظِّم منح رخص القيادة الدولية للرجال والنساء.
- تأييد قطاع كبير لا بأس به من العلماء والمفكرين والمثقفين لهذه المطالب، ومن بين هؤلاء العلماء: الشيخ عبد الله المنيع، والشيخ عبد الله المطلق، والشيخ الحكمي، والشيخ راشد المبارك.
- ارتفاع درجة الوعي لدى المواطنين، تدعمه أسباب مجتمعية وأسباب اقتصادية.
- التجارب الميدانية الحالية في السعودية، ومنها قيادة المرأة للسيارات داخل مجمعات المدن الصناعية، مثل: الجبيل، وينبع، وأرامكو؛ فداخل حرم مدينة أرامكو مثلاً تشير التقديرات لوجود 5000 سيدة سعودية، حصلن على رخص القيادة من دولة البحرين، وبعض دول مجلس التعاون، وتجربتهن في مجملها لا تختلف عما هو متعارف عليه في دول أخرى.
- السعودية مقبلة على تدشين أعمال مدن اقتصادية كبرى وعملاقة، ذات بيئات متشابهة ببيئة أرامكو، باشرت بإنشاء مدارس تعليم لقيادة السيارات للمرأة في تلك المدارس؛ ما يعطي الأمل بضرورة توفيق الأوضاع الاجتماعية.
- الممارسات المتعددة غير المعلنة لقيادة النساء للسيارة، فضلاً عن قيادتها لها منذ زمن طويل، سواء في البادية أو البر، وفي الأماكن المفتوحة، وليس خافيًا أن هناك مدارس قيادة سيارات حالياً تعلّم المرأة قيادة السيارات في البر خارج الرياض دون ترخيص من الجهات المعنية.
- تقدم الأدوات والثقافات الضابطة لممارسة قيادة المرأة للسيارة في كل ما تحتاج إليه، وتوافر الأدوات للتعامل معها في حالة الحادث بأعلى الكفايات.
- الممارسات اليومية التي يشهدها المجتمع السعودي، والتي تنتهي بالإيقاف والحجز، والبعض يقاضي الدولة على تلك الممارسات في مجملها؛ ما يشكّل حرجًا على الإدارة العامة للمرور، وعلى القضاء معًا، وفي ظل تدافع بعض النسوة للرفع إلى ديوان المظالم للمطالبة بقيادة السيارات؛ ما يؤكد الإصرار على الاستمرارية.
- المعطيات الوطنية والمقومات المجتمعية التي تؤكِّد الحاجة إلى ضرورة فتح المجال لقيادة المرأة للسيارة في الوقت الحاضر كثيرة جدًا، ولا تحتاج إلى دليل.
ورغبةً في التوافق مع تلك المبررات في ظل الضغوط الدولية، وصعوبة مواجهتها مع مرور الوقت، وتنفيذًا للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها السعودية، والمناهضة للتمييز، والتوافق مع غيرها الفنية المرورية، اقترح الخطاب الرفع للنظر الكريم لاقتراح تشكيل لجنة استشارية وتنفيذية، لوضع آليات وضوابط شرعية وأمنية ومجتمعية حول قيادة المرأة للسيارة، تمهيدًا لتهيئة المجتمع لقبول فكرة قيادتها للسيارة.
كما اقترح الخطاب أن تتكون هذه اللجنة من الجهات الآتية: بعض كبار العلماء ممن عُرف عنه وسطيته واعتداله، وبُعد نظره، ووزارة الخارجية، وزارة الداخلية، والجهات الأمنية والمرورية، ووزارة الثقافة والإعلام، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء، والجهات الحقوقية كهيئة حقوق الإنسان، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، ممثلة للمجتمع المدني، ولجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى، إضافة إلى من يرى المقام السامي الكريم إضافته إلى اللجنة.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها "سبق" فإن مجلس الشورى في دورته الجديدة لم يبت في مطالب لجنة حقوق الإنسان والعرائض المُقدمة حتى الوقت الحالي.