تظل قضية نقل المعلمات في وزارة التربية والتعليم من القضايا الشائكة التي أعيت في إيجاد حلٍّ عادلٍ ومنطقي لها منذ سنوات طويلة.. فالوزارة بإمكاناتها وقدراتها ولجانها الكثيرة وتطمينات ووعود مسئوليها فشلت بشكلٍ واضحٍ في تحقيق نسبة رضا ولو قليلة في حركات النقل التي تعلنها كل عام، ولعل ما أعلنت عنه أخيراً من حركة نقل المعلمات، ثم تراجعها وتغيير الأسماء المنقولات إلى غير منقولاتٍ، يُثير الكثير من علامات الاستفهام.. فلماذا أعلنت الأسماء ثم استبدلت غيرهن بها؟ ولماذا لا تحل هذه الإشكالية المتكرّرة كل عام؟ ومَن المسئول عن تفريق المعلمات "بنات الوطن" عن أسرهن في مختلف مناطق المملكة؟ ومَن المستفيد؟ ولماذا تحدث مثل هذه الأخطاء التقنية التي تجعل الجميع يشكّك في مصداقية القرار؟ تساؤلاتٌ طرحتها "سبق" على عددٍ من المعلمات اللواتي شملهن النقل في بداية الأمر ففرحن وأقمن الحفلات، ثم أُلغي نقلهن فتسبّب في خيبة أملٍ وانكساراتٍ. وعبّر عددٌ منهن عن استيائهن مما حدث، ومن بيان الوزارة الذي أصدرته، أمس، وأوضح فيه المتحدث الرسمي لوزارة التربية والتعليم الأستاذ محمد الدخيني، أنه في أثناء تنفيذ حركة نقل المعلمين والمعلمات، صباح يوم الخميس حدث خللٌ في تنفيذها تمثل في عدم شمول (1758) معلمة، وتمت المعالجة وتأكيد دخولهن، وإعادة تنفيذ الحركة، وقد نتج عن ذلك إلغاء نقل (1758) معلمة أخذن مواقع مَن سبقوهن، وتغيّرت مواقع (857) معلمة، وتم نقل (2152) معلمة لم يشملهن النقل يوم الخميس. وقال الدخيني إن وزارة التربية والتعليم تعتذر عن هذا الخطأ لمنسوباتها كافة الاتي تغيّرت نتيجة نقلهن، وتمت إعادة فتح نظام الاستعلام للمعلمات"!!". حول هذه الإشكالية قال عددٌ من المعلمات ل "سبق" إن الوزارة أبكتهن بعد أن رسمت على وجوههن الفرحة لمدة 24 ساعة، وبدّدت حلم لمّ شتات أسرهن الذي دام سنين، بعد أن تراجعت عن نقلهن بسبب خللٍ فني ووصفنها بالمخيّبة للآمال والتوقعات والمحبطة ليستيقظن في اليوم التالي على كابوس عبارة "لم تُنقل".
وقالت المعلمة "م . الشهري" إن حركة النقل لهذا العام شملتها في بادئ الأمر وتم نقلها من مدرسة تقع بقرية حدودية تبعد مسافة 460 كيلو متراً عن خميس مشيط، مقر سكنها، إلى "سراة عبيدة" الرغبة الأخيرة، وبينت أن لديها طفلين أحدهما عمره 5 سنوات مريض ويحتاج إلى رعايةِ خاصّة والآخر 3 سنوات، إلا أن حلم النقل ولمّ شتات أسرتها سرعان ما تبدّد بعد أن تراجعت الوزارة عن النتيجة الأولى فيما اعتبرته خطأً في الحركة.. موضحة أنها احتفلت مع أسرتها وطفليها بهذه المناسبة التي انتظرتها طويلاً لتحقيق أمنيتها في الاقتراب من خميس مشيط، لتستيقظ في اليوم التالي، وقد استبدلت عبارة تمّ النقل في موقع الوزارة الالكتروني إلى "لم تُنقل"، وقالت إن خبر تغيُّر نتيجة الحركة نزل عليها كالصاعقة حيث انهمرت باكيةً على حال طفليها، والشتات الأسري الذي تعيشه منذ سنوات عدة لتستمر رحلة المعاناة وضياع حلم لمّ الشمل من جديد. وأبدت معلمة رياض الأطفال "أ . الخاطر" حسرتها بعد أن أُلغي نقلها إلى "الخفجي" وأُعيدت مرةً أخرى إلى مدرستها من جديدٍ في "طريب" بمنطقة عسير بسبب الخطأ الذي أعلنت عنه الوزارة في حركة النقل الخارجي أمس وتم تعديله. وتقول الخاطر تم نقلها في البداية إلى "الخفجي" على الرغبة التاسعة على الرغم من أن أسرتها التي يعولها والدها من ذوي الاحتياجات الخاصّة، والمكوّنة من 11 فرداً تقيم في مدينة "الجبيل" بالمنطقة الشرقية إلا أن سرعان ما تراجعت الوزارة وتم إلغاؤه بسبب خللٍ فني في الحركة وتمت إعادتها إلى مدرستها في "طريب" موضحةً بأن حلم الاقتراب من والدها المريض تحول إلى سرابٍ حيث أُصيبت بحالةٍ من الهيستيريا وأُصيب والدها أيضاً بصدمةٍ بعد أن علم بإلغاء نقلها وعودتها إلى مدرستها للمكوث عاماً آخر. كما طالب عددٌ من المعلمات عبر "سبق" وزارة التربية والتعليم بحركة نقلٍ إلحاقية تلبي رغباتهن الأخيرة في النقل لعل وعسى أن يقتربن من أسرهن ولو الشيء القليل ويكسرن شيئاً من الغربة والتشرّد والشتات الأسري الذي ظل يلاحقهن لسنوات حتى يتسنى لهن على الأقل زيارتهن والاطمئنان عليهن بين الحين والآخر. تجدر الإشارة إلى أن حركة النقل الخارجي للمعلمين والمعلمات هذا العام بلغت فيها نسبة إجمالي المشمولين بالنقل من خلالها 33 % للمعلمين، ونسبة 27 % للمعلمات، وبلغ عدد مَن تم نقلهم على الرغبة الأولى من المعلمين والمعلمات (17443) معلماً ومعلمة، وبلغ عدد مَن تم لمّ شملهم من المعلمين والمعلمات (436) معلماً ومعلمة فيما بلغ عدد المنقولين والمنقولات على الرغبات الأخرى كافة (15746) معلماً ومعلمة.