يعد التعليم أساس بناء الأوطان ونهضة الأمم وتقدمها، فهو الواجهة الحضارية التي تعكس مدى التقدم والسعي للتحول إلى الاقتصاد المعرفي، الذي يعد أحد أهم أسس إستراتيجية التنمية الوطنية في المملكة. وقد بدأت القيادة منذ عامين خطوات حثيثة لإصلاح النظام التعليمي إيمانا منها بأنه المحرك الرئيسي للتنمية، مع الاستفادة من تجارب وخبرات الدول المتقدمة في هذا المجال، لتحقيق الرؤية المسقبلية للمملكة 2030. ولعل الأمر الملكي الذي صدر أمس الأول بتحويل «هيئة تقويم التعليم العام» إلى «هيئة تقويم التعليم»، جاء بشارة خير لتقويم أداء 37 جامعة، و13 إدارة تعليم، و13 فرعا للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، بالإضافة إلى الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي، والمركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي، ومركز التقويم والاعتماد التقني والمهني. ومع هذا التوسع الكبير لمهمات الهيئة، لابد أن يواكبه توسع أيضا في أهدافها وإستراتيجياتها التي رسمتها منذ انطلاقتها عام 1434 وهدفت حينها إلى رفع جودة التعليم العام وكفايته، ودعم التنمية والاقتصاد الوطني من خلال تحسين مخرجات التعليم العام. ووجود هذه الهيئة المستقلة عن تلك المؤسسات التعليمية يعني ضرورة أن تعمل على تغيير طريقتها، كونها لم تعد محصورة في عالمها الخاص، حيث سيتم سؤالها حول ما يجري داخل تلك المؤسسات وإصلاح الأخطاء كافة، للخروج بمخرج تعليمي قادر على التنمية والعطاء. ويتأمل العاملون في تلك المؤسسات التعليمية أن تعمل هيئة تقويم التعليم على تحقيق تطلعات القيادة في تقويم التعليم ورفع جودته، لتعزيز وجود المملكة على خريطة العالم المعرفية إقليميا ودوليا، ولتكون رائدة للعلم والمعرفة، وتسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال رفع جودة التعليم بأنواعه العام والعالي والتقني والمهني، من خلال تطوير المناهج والبيئة التعليمية لتصبح محفزة ومعززة للتعلم والإبداع، وانتقاء قيادات مدرسية وجامعية فاعلة، ومعلمين وأكاديميين أكفاء. والسؤال الذي يبقى مطروحا هو: هل ستفرض هيئة تقويم التعليم، كهيئة رقابية، بفرض اشتراطات داخل تلك المؤسسات التعليمية لتزيدها تعقيدا وبيروقراطية؟ أم ستكون لها رؤية أخرى أكثر مرونة للنهوض وتطوير التعليم في المملكة ليصبح أنموذجا يحتذى به؟.