في ظل برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، يتواجد الطلبة السعوديون في شتى بقاع الأرض لنهل العلم والمعرفة وتعلم اللغات، وأحد أهم ركائز المعرفة هو الكتاب؛ لذلك سعى الكثير من الأدباء الشباب المبتعثين إلى السعي الحثيث إلى الترجمة كجهود فردية فيما وزارة الثقافة والإعلام لم تقم بدورها في ذلك. كما أن الملحقيات الثقافية التابعة لوزارة التعليم لم تقم بمهماتها لترجمة أهم الكتب في البلدان التي تتواجد بها سفارات المملكة. «عكاظ» استطلعت رأي أدباء ومترجمين وطرحت سؤالا: لماذا لا تستفيد الملحقيات الثقافية من وجود هؤلاء المبتعثين وتعلمهم لكل هذا اللغات حول العالم؟، ولماذا غياب وزارتي التعليم والثقافة والإعلام عن ذلك؟. برنامج للترجمة يرى الروائي عبدالله التعزي أن قدرات الطاقات الشابة الجديدة على نقل التجارب الإنسانية الأدبية إلى العربية ستساهم في رفد الثقافة بآفاق كثيرة، ودور المحلقيات الثقافية في السفارات مهم في دعم الترجمات للشباب السعودي المبتعث والاستفادة من قدراتهم. ورأى أن تساهم المملكة فعليا من خلالهم في تقديم الآداب العالمية إلى الوطن العربي الكبير والمساعدة في فتح أفق ثقافي مغاير يدفع بالأدب والإبداع العربي إلى الأمام. مقترحا وضع برنامج للترجمة متكامل ومنسق بين كل الملحقيات الثقافية التي ستقدم الكثير للثقافة وتقلل من الازدواجية في الترجمة، لإعطاء الفرصة لتقديم مترجمين سعوديين قادرين على الإضافة المميزة وبصورة مفرحة. دور الملحقيات وحين فاز الروائي الفرنسي باتريك موديانو بجائزة نوبل قبل أعوام خرج ليبحث عن أي عمل روائي له في المكتبات العربية، ولكنه لم يجد إلا روايته «مقهى الشباب الضائع» والناشر الملحقية الثقافية السعودية في باريس، كما يوضح ذلك الروائي حجي جابر، مضيفا بقوله: «لماذا لا يكون ذلك الأمر ديدن الملحقيات الثقافية، فهي أكثر قدرة واطلاعا من دور النشر على كنوز الأدب والمعرفة في البلدان التي تعمل فيها». وأشار في حديث إلى أن هناك فرصة كبيرة في تزايد أعداد المبتعثين السعوديين المهتمين بالترجمة من لغات عدة، والذين أثبت عدد منهم تفوقا ملحوظا كأحمد العلي الذي ترجم كتاب «حليب أسود» للتركية إلف شفق، وكتاب اختراع العزلة للأمريكي بول أوستر. ونوه إلى أن هناك أيضا علي المجنوني الذي ترجم رواية زنج للأمريكية نيلا لارسن. وقال في مختتم حديثه إننا إذا ما أدخلنا دور النشر السعودية إلى هذه الدائرة فإننا نجد أمام الملحقيات الثقافية فرصة عظيمة لتنشيط حركة الترجمة ليس محليا بل في عموم الوطن العربي. رسالة لازمة ويؤكد المترجم خلف سرحان القرشي على دور الملحقيات في الترجمة بحكم وجودها الجغرافي في بلدان الآخر، بأنه يعد فرض عين عليها، لتحقيق رسالتها وأهدافها التي تحتمها صفة الثقافية قرينة اسمها. وقال القرشي إن الملحقيات الثقافية أقدر على اختيار ما يستحق الترجمة، وتحديد الأولويات وسط هذا الكم الهائل من النتاج المعرفي الذي يتزايد يوما تلو آخر بل لحظة تلو لحظة. وأشار في حديثه لكيلا نحمل الأمور أكثر مما تحتمل، ونضع على كاهل الملحقيات مسؤولية جسيمة، ناءت بحملها وزارات الثقافة ذات الميزانيات الضخمة، وعجزت مؤسسات عن التعاطي معها، فإننا ولنكون واقعيين فقليل نتاج هذه الملحقيات يعد كثيرا وسط تعدد مسؤولياتها وتنوع مهامها، وكما يقول المثل الإنجليزي إن القليل هو الكثير. وأكد القرشي على أهمية الإعلام عن تلك الجهود والتعريف بها. ولعل هذا المحور الذي تثيره صحيفة «عكاظ» اليوم، خطوة في ذات الطريق، تذكر فتشكر للقائمين عليها. تهيئة الشباب ومن ناحيته، قال الكاتب عبدالرحمن الرشودي: من المهم ألا ننظر إلى الابتعاث بتلك العين الضيقة التي لا ترى ما هو خارج الصندوق الأكاديمي، وأشار إلى أنه بخصوص الترجمة فقد سبق أن سمع بأنه أحد العوامل التي ساهمت بإثراء المكتبة اليابانية هو ما قام به الطلبة المبتعثون من ترجمات لشتى الحقول المعرفية، حيث كان يكلف الطالب المبتعث هناك بترجمة كتاب متعلق بالحقل المعرفي الذي يدرسه نقلا عن لغة البلد الذي استضاف دراسته. واقترح بأن من المفضل عدم إلزام المبتعثين والمبتعثات بمثل ذلك الآن ولكن من المهم في نظري ألا يُنظر إلى جهود أصحاب مثل هذه الاهتمامات بعين التجاهل فالأمر متعلق برافد ثقافي يعود بالفائدة على الجميع.