ما زال دوري عبداللطيف جميل السعودي للمحترفين يسجل أعلى نسبة في عدد تغيير المدربين في ظاهرة أصبحت ملازمة لهذا الدوري منذ سنوات طويلة. ولعل الأسباب قد تعددت، فهناك من أرجع السبب لسوء الاختيار من قبل رؤساء الأندية وعدم رسم خطة عمل فنية يبني عليها ذلك الاختيار، فيما تعتبر النتائج سببا آخر لهذه المعضلة التي استنزفت خزائن الأندية ماليا، كما أن الطموح له دور مهم في هذه الفوضى، فمن يبحث عن بطولة من حقه أن يبحث عن مدرب 5 نجوم. ولكن ماذا تريد الأندية التى يقتصر طموحها على البقاء فقط أو البحث عن الأماكن الدافئة والأخيرة فهي الأندية الأكثر تغييرا للمدربين! إحصائيات وأرقام تكشف الواقع المرير تقول الإحصائيات والأرقام إن الأندية السعودية أشرف عليها 33 مدربا في عام ونصف العام فقط، إذ إن 21 مدربا منهم أشرفوا على أندية جميل في العام الماضي، فيما أشرف 12 مدربا على هذه الأندية العام الحالي. وكان المدرب الجزائري عبدالقادر عمراني مدرب الرائد هو أول الضحايا بعد ضغط جماهيري كبير على إدارة عبداللطيف الخضير رغم أن المدرب صرح أنه فوجئ بهذه الإقالة خاصة أنه لم يقد الفريق إلا في ثلاث مباريات؛ الأولى أمام الاتفاق في كأس ولي العهد وخسرها الفريق 1/0، كما خسر الفريق في الدوري مباراتين أمام الاتحاد والشباب. ويقول عمراني «كانت لدي خطط وبرامج لم تسمح لي الإقالة بتنفيذها على أرض الواقع». في نادي النصر بطل دوري عبداللطيف جميل في الموسم الماضي سقط الأورجوياني خورخي داسيلفا ثاني ضحية في الدوري بعد 4 جولات فقط، فخسرت إدارة الأمير فيصل بن تركي مبالغ مالية هي ضريبة فسخ العقد معه، بسبب الضغط الجماهيري والإعلامي بعد تدهور النتائج حتى الجولة الرابعة. وجاءت الإدارة بالمدرب الإيطالي الأنيق فابيو كانافارو الذي قاد الفريق -ولا يزال- إذ باشر المهمة بعد الجولة الخامسة. وأبعد الوحدة مدرب الصعود للأضواء الأورجوياني رودريغز، وجاء بالجزائري خير الدين مضوي الذي انتشل الفريق من حالة التردي. وعرفت الجولة الخامسة بجولة سقوط المدربين، إذ تمت إقالة مدرب هجر المونتوغومري نيبوشا يوفنتيش والتعاقد مع البلجيكي العائد للدوري من جديد ستيفان ديمول الذي لم يفعل أي شيء ليستمر الحال كما هو عليه. وأبعدت الإدارة القدساوية التونسي جميل بالقاسم، وهو مدرب تنقل بين أكثر من ناد، وتم التعاقد مع البرازيلي ألكسندر جالو الذي لم يفعل شيئا يذكر، بل زادت الأمور سوءا في الفريق الذي تراجع في الترتيب، ما يدل على العشوائية وسوء التخطيط. فيما كلفت الإدارة الاتحادية بعد خسارة الديربي أمام الاهلي المدرب المصري عادل عبدالرحمن الذي حل بديلا عن الروماني لازالو بولوني الذي حمل وحده أسباب الخسارة الكبيرة من الجار والند اللدود، حتى أعادت مواطنه المبعد من قبل وهو الروماني فيكتور بيتوركا، وهو مدرب ليس بغريب على الاتحاد ومعه بدأت النتائج في التحسن. واضطرت إدارة نادي نجران لفسخ العقد مع المدرب التونسي فتحي الجبال الذي قاد الفتح لسنوات وحقق معه «بطولة الدوري»، وأسندت المهمة لابن النادي الحسن اليامي الذي اقتنص نقاط لقائه الأول أمام الرائد في بريدة 3/2، ومن ثم عينت الإدارة المدرب البرازيلي المعروف أنجوس الذي سبق له قيادة المنتخب السعودي قبل نحو ثماني سنوات وحقق معه بطولة وصافة كأس آسيا 2007. فيما هرع نادي الشباب للتعاقد مع فتحي الجبال المقال من نجران بعد إبعاد الأورجوياني ألفارو غوتيريز بعد منحه كل الفرص لتعديل الأوضاع المتردية للفريق دون جدوى. جروس كسر القاعدة يبقى السؤال: لماذا يتكرر هذا المشهد في كل عام بين تغيير مدربين وإعادة لآخرين؟ لماذا مثلا لا يتم إشراك المدرب في منظومة العمل الفني والإداري في النادي حتى لا يكون ضحية سوء النتائج ويذهب كبش فداء يقدم للجماهير عند الخسائر؟ فمعظم المدربين المقالين من مناصبهم يتهمون إدارات الأندية بأنها لا تشركهم في قرار استقطاب اللاعبين سواء الأجانب أو المحليين، وأنها تفرض عليهم لاعبين لا يخدمون خططهم الفنية.. حدث هذا في نادي الرائد عندما أكد المدرب الجزائري المقال بعد الجولة الثانية عبدالقادر عمراني أن إدارة النادي لم تستشره عندما تعاقدت مع اللاعبين الأجانب والمحليين، وأنه فوجئ في معسكر تركيا بحضور أسامة الدراجي «تونسي» وكميل زياتي «غاني»، حيث اتضح بعد إغلاق فترة التسجيل الصيفية أنهما يعانيان من إصابات مزمنة. على الجانب الآخر يرفض السويسري كريستيان جروس مدرب النادي الأهلي إضافة أي عنصر سواء كان محليا أو أجنبيا إلا بعد استشارته لأنه هو من يطبق الجمل الفنية داخل الملعب ويعرف حاجة الفريق لسد الخانات المطلوبة. الزياني: النتائج تطيح بهم المدرب الوطني القدير خليل الزياني قال تعليقا على كل ذلك: المشكلة ليست في طريقة اختيار المدرب، فالنتائج وحدها هي السبب الرئيسي في كثرة تغيير المدربين مع الأسف الشديد، فإذا خسر الفريق وتراجعت نتائجه يضغط الجمهور والإعلام على رئيس النادي فتتم إقالة المدرب حتى وإن كانت هناك قناعة بعدم تسببه في سوء النتائج، مضيفا: أحيانا هناك ما يسمى «بيئة العمل» وقد تكون غير صالحه، فاللاعبون لا يحصلون على مستحقاتهم، وهذا بالطبع ليس من اختصاص المدرب، أحيانا يتم استقطاب لاعبين من قبل الإدارة دون الرجوع للمدرب، وأحيانا يتعرض الفريق لظلم تحكيمي أو مثلا إصابات لأبرز نجومه، وهذه أمور لا علاقة للمدرب بها، ثم يطلب منه العمل على هذا الأساس، فالمدرب شماعة دائمة لأي إخفاق. ومع الأسف الشديد يكثر لدينا تغيير المدربين أيضا لعدم وجود الاحترافية في العمل، فالتخبط سمة بارزة في عمل الأندية السعودية، خاصة الجماهيرية منها، لذلك لابد من وضع أنظمة ومعايير للتعاقد مع المدربين الأجانب تحمي حقوق كل الأطراف. الدبيخي: «المجالس» هي السبب الناقد الرياضي حمد الدبيخي حمل الإدارات المسؤولية، إذ يقول: للأسف الشديد مجالس إدارات الأندية تتحمل 90 في المئة من هذه المعضلة، فالهدف غائب من قبلهم ولا يعرفون ماذا يريدون.. «أهم شي مدرب والسلام»، ولا توجد أهداف واضحة، لذلك تجد أن 14 ناديا في دوري عبداللطيف جميل ليس فيها استقرار فني إلا بنسبة 10 في المئة، حتى وإن استمر المدرب يتم إلغاء عقده مع أول إخفاق في الموسم الجديد وهذا شيء مضحك. ويضيف: حقيقة المدرب لا يشارك بالقرارات حتى الفنية وهي التي تخصه، خاصة في ما يتعلق باستقطاب العناصر سواء الأجنبية أو المحلية، والملعب يتم غمره باللاعبين والمطلوب وضع التشكيلة والخطة، فمثلا مدرب النصر لم تتم استشارته في اللاعبين المستقطبين خاصة نايف هزازي الذي كلف الخزانة مبالغ كبيرة ولم يستفد منه رغم تاريخه المميز، والعكس بالنسبة لمدرب الأهلي جروس الذي لا يمكن اتخاذ قرار فني دون الرجوع إليه ويحرص على المشاركة في اختيار العناصر، وهذه هي الاحترافية في العمل التي يجب أن تتواجد في كل الأندية إذا ما أرادت تحقيق النجاحات.