هذا العنوان «الأنيق» ليس من عندي، بل كان أحد عناوين المجلة البريطانية الشهيرة «الإيكونومست» في ديسمبر الماضي، في محاولة منها لتلخيص المواجهة ما بين مصادر البترول التقليدية والزيت الصخري، الذي تتعاظم حصته في السوق العالمية، بعد دخول الاستثمارات الضخمة في هذا الميدان بالولايات المتحدة.. تذكرت العنوان بعد مطالعة دراسة أعدها الدكتور سايمون هندرسون، صدرت عن معهد واشنطن في الرابع من الشهر الجاري، حيث يرى معد الدراسة أن تحسن الأسعار في الأسابيع الماضية ليس سببا كافيا يدفع للتفاؤل بأن سعر البرميل سيصل إلى 100 دولار التي كان عليها في أوائل عام 2014. وقالت الدراسة إن المعركة الآن في السوق البترولية تدور في ميدان الاحتفاظ بالحصص، وهذا يجعل كل الاحتمالات مفتوحة بحسب معطيات السوق.. وفي تفاصيل الاحتمالات، ترى الدراسة أن «خيار» خفض الأسعار سيعزز اقتصاديات الزيت الصخري الأمريكي، ويشكل ضغطا على الدول التي تعتمد موازناتها على البترول بشكل كبير، أي أن الأصوات التي تطالب بتخفيض الإنتاج لتحسين معدل الأسعار تتجاهل حقائق أخرى ماثلة للعيان، إذا لم توضع في الحسبان، فإنها ستؤدي في النهاية إلى الإضرار بالبعض.. ومن تلك الحقائق أن الاستثمارات الكبيرة التي ربطت شركات البترول وبيوت التمويل في النفط الصخري ليس لديها النفس الطويل لاسترداد عائدات استثماراتها إذا سايرت تخفيض الإنتاج، وبالتالي فإنه من المتوقع أن تستغل أي فراغ في المعروض ناتج عن تخفيض إنتاج الأوبك لتملأه بما لديها. وهذا يعني عمليا أن التخفيض إذا لم يكن قرارا جماعيا، وهذا شيء مستحيل، فسيكون على حساب المنتجين التقليديين. ومن هذا تستمد قوتها وجهة النظر القائلة بأن تخفيض الإنتاج ليس خيارا جيدا لدول الأوبك؛ لأنه لا يتسق منطقيا مع سياسة الدفاع عن المصالح الوطنية.. والسوق البترولية لها المختصون في تفاصيلها وتعقيداتها؛ مثل كل القطاعات الاقتصادية، ولهذا يجب أن يقف تناولها من غير المختصين، عند حدود الظواهر والمفاهيم العامة التي يتاح فهمها لغالبية المتابعين. ومما يدخل في هذا الحيز المفهوم للجميع أن العلاقة بين العرض والطلب علاقة عكسية، إذا زاد أحد طرفيها نقص الآخر، وإذا صعد طرف هبط الثاني، لكن هذا «القانون» يحتوي على عناصر وعوامل عديدة، ومعرفتها وتقديرها وفحص أسبابها هي التي تساعد على الحكم عليه بصورة عملية. والخلاصة التي يميل إليها كثير من المختصين هي أن تخفيض إنتاج من مجموعة محدودة في الظروف الراهنة لا يقود إلى تحسين الأسعار، والاستجابة له يعد تفريطا في المصلحة وتطبيقا أعمى لقاعدة العرض والطلب دون الأخذ بما يحيط بها من حيثيات.. ومن هنا، يبدو أن خيار الاحتفاظ بالحصص في سوق البترولية هو المحقق لمصالح الغالبية، وبالتالي لن تقدم على التفريط فيه دولة أو مجموعة منفردة.