يستغرب المرء التناقض السياسي الواضح لسلوك المتمردين الحوثيين على الأرض وعلى رؤوس الأشهاد، قتل، ترويع، قصف عشوائي للمدنيين، مصادرة ونهب المساعدات الإنسانية، هذا السلوك وهذه الذهنية ذاتها تذهب إلى جنيف من أجل محادثات السلام. حسنا، فليذهب اليمنيون إلى جنيف ولير المجتمع الدولي ماذا سيقدم هذا العقل الميلشيوي الحوثي من أجل إنهاء الأزمة اليمنية، ولتجلس الشرعية اليمنية على طاولة واحدة مع لصوص الأوطان.. لكن ماذا بعد؟! تعلمنا من رعايات الأممالمتحدة للحوار أنها تقتصر فقط على الاجتماعات حول الطاولات المستديرة ومن ثم ينفض هذا الاجتماع دون آليات تنفيذ ودون أدنى ضمانات سياسية.. لقد بدأ حوار جنيف منقوصا من اللحظة الأولى حين اشترط الحوثيون الذهاب إلى الحوار دون شروط أو أرضية للحوار، بمعنى أنه لقاء من أجل اللقاء فقط دون محددات للحوار.. في حين أن الأممالمتحدة ذاتها هي من أصدرت القرار 2216 القاضي بانسحاب الحوثيين من المدن.. ولم يتم تنفيذ خطوة واحدة من هذا القرار.. فكيف يستوي هذا الحوار وهو منذ البداية إعلان واضح لرفض قرارات الأممالمتحدة؟ إن موافقة الحكومة اليمنية على الحوار في جنيف كانت على أسس سياسية معينة أولها قرارات الأممالمتحدة وتحت مظلة المبادرة الخليجية التي أجمع عليها كل اليمنيين، لكن الحوثيين استبعدوا أي شرط لكسب مساحة واسعة من المراوغة والكذب.. وبناء على ذلك فإن بوصلة جنيف ضائعة منذ البداية ما لم يحدد لها سقف سياسي متين ملزم.