لو استطاعت إيران أن توصل غازها الطبيعي المسال إلى أوروبا لحققت إنجازا اقتصاديا تاريخيا.. وسيتبع ذلك اكتساب قوة سياسية ودبلوماسية لدى الدول الأوروبية مما يحقق لها علوا على خصومها في المنطقة سواء من العرب أو إسرائيل.. روسيا الآن هي صاحبة النصيب الأكبر في سوق الغاز الطبيعيي في أوروبا (30 %) عبر شركة (جازبروم) المملوكة للحكومة الروسية، إلا أن الروس يرغبون في إيجاد خط أنبوبي جديد والتخلي عن شبكة نقل الغاز الحالية المارة في (أوكرانيا) حليفة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتستطيع إيران إيصال الغاز الطبيعي لأوروبا، إما عبر (تركيا) مرورا بمناطق الانفصاليين الأكراد أو عبر العراقوسوريا حتى البحر الأبيض. وكلا الخيارين بالغ الصعوبة، فمرور الخط الأنبوبي بتركيا يحتاج لإقناع خصومها الأتراك بالمشروع ويحتاج لجهد عسكري (عراقي تركي إيران) للقضاء على المقاومة الكردية أو تحييدها لتجنب الأضرار بسلامة الخط أو تقديم تنازلات سياسية باهظة للأكراد قد لا تتوافق مع رغبات الأتراك.. ويعتبر هذا الخيار صعبا وذا تكاليف سياسية باهظه. أما مد الخط الأنبوب عبر العراق - سوريا فيحتاج إلى عمل عسكري بحت في العراق للقضاء على (داعش)، وعمل عسكري جبار وكبير للقضاء على المقاومة السورية السلفية، وعمل سياسي جبار لإعادة الشرعية المفقودة ل (بشار الأسد). وفي كلا الحالين تعتبر إيران محاصرة من دول وقوى عسكرية وسياسية ذات مذهب سني. أما شرقا فتحاول إيران إيصال غازها الطبيعي إلى الهند ويتطلب ذلك إمرار خط أنبوبي عبر أراضي باكستان ذات الجماعات الإسلامية المعادية لإيران، كما أن (الهند) رأت أن (إيران) عبء سياسي مما جعلها تنسحب من اتفاقية مد الخط الأنبوبي (إيرانباكستانالهند) عام 2006 وقررت الاعتماد على غاز (تركمانستان) وإنشاء خط أنابيب أكبر صعوبة هو خط (تركمانستانأفغانستانباكستانالهند). وهكذا تبقى ناقلات النفط هي الخيار الحالي ل (إيران) مما يفقدها الميزة التنافسية التسويقية في أوروبا، وبالتالي فقد جميع المزايا السياسية والدبلوماسية. ويتطلب هذا الخيار -وهو الوحيد حالياً- المرور بالخيلج العربي وقناة هرمز وباب المندب وقناة السويس التي تشرف عليها جميعا دول عربية معادية لإيران، فإن كسبت (إيران) حياد مضيق هرمز فبقية شواطئ الخليج تشرف عليه دول خليجية ذات تسليح بحري وقوة جوية متقدمة. والمخطط الإيراني لتمكين الحوثي والخائن من اليمن في سبيله للفشل (إن شاء الله)، مما يعني أن باب المندب سيبقى عربيا وقناة السويس بعيدة المنال عن الإيرانيين ولن تتمكن إيران من زرع جماعة أو تنظيم شيعي في مصر لممارسة أي ضغط سياسي لصالح إيران، وهكذا تبقى إيران تحت الحصار، ويبقى السؤال للإيرانيين من المحاصر نحن أم أنتم؟ احمد عامر الخناني