لا يرى حارس القرن الآسيوي وعميد حراس العالم محمد الدعيع، نافذة ضوء في النفق الذي دخلته الرياضة منذ سنوات في وجود الاتحاد السعودي لكرة القدم الحالي، إذ يحمله جزءا كبيرا من مسؤولية التراجع الذي أصاب المسابقات المحلية، وحضور المنتخب على المستويين الخليجي والقاري، نتيجة ما وصفه بالمجاملات وضعف القرار والتخبط في عمل عدد من اللجان التابعة له، وشن في حواره مع «عكاظ» سيلا كبيرا من الانتقادات لمدربي الحراس في الأندية ولمستوى الحراس السعوديين، ومشددا على أنه لا يوجد حارس يستحق تمثيل المنتخب باستثناء عبدالله العنزي، وتطرق لعدد من المواضيع فيما يلي تفاصيلها: ● توقع الهلاليون مشاهدتك مجددا في ناديهم في دور فني أو إداري، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، هل نفهم أن لا نية لديك للعمل التدريبي في الأندية؟ - الهلال بيتي وعشت فيه أجمل ذكرياتي، وعودتي له ليست مرهونة بمهام أو عقود أو شيء آخر غير الانتماء له، لم أبتعد عن النادي بشكل كامل ومازلت قريبا منه إلى حد كبير، لكن رغم ذلك الفكرة في العمل كمدرب للحراس واردة بقوة وأرحب بها عندما تكون الظروف والأجواء مناسبة لذلك، ولا أحمل موقفا ممانعا ضد هذه الخطوة ولكن في حينها. ● منذ رحيلك وحراسة الهلال تعاني غياب الحارس الأمين، برأيك لماذا توارت نجومية بعض الأسماء التي راهنت عليها ومن بينها عبدالله السديري؟ - لكل زمن دولة ورجال كما يقال، ولا أحب الحديث عن نفسي، ولكن مازالت الكرة السعودية تمتلك حراسا مميزين، ينقصهم فقط مدربو حراس جيدون والعمل على تطوير أنفسهم بقوة، وبالنسبة للسديري عبدالله فهو حارس واعد وصغير بالسن ويملك مقومات جيدة وبنية جسمانية ممتازة وينتظره مستقبل كبير، عيبه أنه يتأثر بما يقال عنه من خارج الملعب فتجده يدخل المواجهة وهو مشحون بشكل كبير، خصوصا في المباريات النهائية والمهمة والحاسمة والتي يفترض فيها أن يكون اللاعب مسيطرا على أعصابه وحريصا على أن يسجل فيه مما ينعكس على المدافعين داخل الملعب ودائما ما يلج مرماه أهدافا متكررة من كرات ثابتة أو عرضيات، ولا نجد عبدالله يغطي المدافعين عند تقدمهم على خط واحد ك ليبرو «قشاش»، وفي هذه الحالة يجب عليه أن يكون على خط الستة ليشتت الكرات الساقطة من خلف المدافعين، وهذه الأدوار يحتاج أن يركز عليها وأن ينبهه الجهاز التدريبي لها. ● وماذا عن خالد شراحيلي، ولماذا لا يكون احتياطيا في المنتخب؟ - شراحيلي حارس مميز وهادئ وواثق من نفسه وصغير بالسن، ويعجبني حماسه وثقته في نفسه، ولكن من الصعب انضمامه حاليا لقائمة الأخضر؛ كونه للتو عاد من الإيقاف ولم يعتد على المباريات الدولية ويحتاج إلى وقت لذلك، إذ أن عليه كسر حواجز الغياب والعودة فعليا للأجواء عبر عدة مباريات قوية وحينها سيكون انضمامه بشكل تدريجي للمنتخب. ● ومن ترى أنه الحارس الأحق بتمثيل المنتخب السعودي من الموجودين حاليا في دورينا؟ - بكل أمانة عبدالله العنزي هو الأحق بحماية عرين الأخضر، ومن بعده حتى الآن لا أحد، إذ لا يوجد برأيي من يستحق ارتداء قفازات المنتخب الوطني مع احترامي للحراس المتواجدين حاليا، ولو أن النصر لا يملك هذا الحارس فلن تجده ينافس على الدوري بقوة فهو السبب الرئيسي في جلب النقاط لفريقه، على الرغم من أنه في فريق منافس إلا أني أقول الحقيقة وهي أنه الحارس الأول في السعودية على مدار السنتين، ومشكلته هي تأخر انضمامه للمنتخب، والأمر الثاني أنه لا يملك في رصيده سوى مباراتين دوليتين، وبرأيي أنه من المفترض أيضا أن يعطى خالد شراحيلي الثقة لحراسة عرين الأخضر في بعض المباريات الودية وتجهيزه لتصفيات كأس العالم المقبلة. ● ماذا تنصح الحراس السعوديين؟ - ينبغي على الحراس أن يكون تركيزهم عاليا، ويستشعروا مسؤولية الخانة، فكثير من حراسنا للأسف تجدهم يشردون ذهنيا عن المباراة، إضافة إلى أنهم يجب أن يوجهوا زملاءهم في الملعب بصوت عال ليس فقط للمدافعين إنما المهاجمين أيضا، لأن موقع الحارس يجعل زوايا الرؤية في الملعب أكثر وضوح من أي لاعب فالحارس لابد أن يكون صاحب شخصية ويحافظ على التدريبات فضلا عن التغذية السليمة والبداية يجب أن تكون من المعسكر الذي سيكون قبل بدء الموسم لكن أثناء بدء المباريات ومن الصعب أن يجمع الحارس بين التمارين البدنية والفنية فالعمل والاستعداد قبل بداية المنافسات أمر ضروري. ● ينتقد بعض المدربين صراخ الحراس والصوت العالي في الملعب وأنت ممن يقومون بذلك، لماذا برأيك؟ - هي مجرد قناعات وبالنسبة لي أعتقد أن من أسباب نجاحي بعد توفيق الله هو صراخي على اللاعبين، فغالبا ما أوجه المدافعين وكنت أتحدث مع أسامة هوساوي وعبدالله الزوري وهما أكثر من عانى من صوتي العالي في المباريات، وبطبيعة الحال هم يشكروني على ذلك، لكن المهم هو نجاح الفريق كمنظومة، ونجاحي من نجاحهم حتى المهاجمين أثناء استعراضهم وكثير ما ناقشت ياسر، وكذلك طيب الذكر التايب كنت أعاني منه كثيرا، وذلك لأنه دائما ما يلعب بطريقه ممتعة للجمهور سواء كان الفريق منتصرا أو متعادلا أو مغلوبا، وطالبت بأن لا يلجأون لذلك إلا في حال ضمان النتيجة وبعد أن نسجل، ودائما ما تجدني بعد ضمان النتيجة أمتع الجمهور بالقفزات الهوائية لتحفيز الجماهير ولكن ذلك بشروط. اتحاد المجاملات ● تنتقد بصورة متكررة اتحاد القدم، ما أبرز السلبيات التي تدفعك لذلك؟ - هذا الاتحاد للأسف قائم على المجاملات وبالتالي لن تتطور كرتنا ولا رياضتنا، وغيابنا عن الحضور القوي والمعروف عن الكرة السعودية في السابق هو نتاج طبيعي لهذه المجاملات، يحضرون مدربين للمنتخب همهم الأول «الاسترزاق»، تجد المدرب يقبض راتبه في الموعد المحدد ولا يهتم بالنتائج، وإذا أقيل يكافأ بمبلغ الشرط الجزائي ويغادر، وهذا نتاج العشوائية في اختيار المدربين والذي هو سبب رئيسي في هبوط مستوى وتصنيف الأخضر، وينبغي علينا أن نحاسب المدربين على كل كبيرة وصغيرة مثلما يحدث في أوروبا، وفي النهاية أنا لا أنتقد أحمد عيد كشخص ولكن أنتقد عمل الاتحاد السعودي بصفته منظومة كاملة، فالسلبيات لا يمكن السكوت عنها. ● ولكن هناك من يرى أن الاتحاد لم يحظى بفرصة كاملة، وهاجموه منذ يومه الأول؟ - مع احترامي للعاملين فيه، هذا الاتحاد السعودي لم يقدم نفسه منذ البداية، لأنه اتحاد ضعيف ولم ينجح بصفته منظومة كاملة كان يعول عليها أن تقودنا إلى مرحلة أكثر ازدهار، فالأندية الآن أصبحت أقوى من المنتخب وتفرض على المنتخب والاتحاد ما تريد بعكس ما كان سابقا، وهذه الأمور إذا لم يجد الاتحاد لها حلا سنرى منتخبات جنوب شرق آسيا كالهند وأندونيسيا تنافسنا وتتفوق علينا بمراحل كبيرة أيضا، سيما أنها بدأت تعمل للغد بتطوير مسابقاتها ولا بد من التخطيط الصحيح لمستقبل الكرة السعودية ومن المستحيل أن تجد مسؤولين في لجان الاتحاد لا يعرفون كرة القدم ولم يمارسوها وهذه النقطة تنطبق على رؤساء الأندية، فالرئيس يخرج للإعلام باستمرار، يتحدث قبل وبعد المباراة أكثر من اللاعبين أنفسهم، ويقيم العمل ويصرح ضد الحكام ويعطيك تحليلا كاملا للمباراة وهذا ليس من واجباته أو من حقوقه مع الأسف، ومع ذلك لا تجد اتحاد القدم يحرك ساكنا!! ● كيف تقيم عمل لجان الاتحاد بشكل عام؟ - تحتاج إلى أن تقوم بأدوارها كما يجب، وأنا هنا أنتقد آلية العمل والطريقة التي تدار بها الأمور، وفي الحقيقة ليس هنالك تنظيم في بعضها خاصة لجنة المسابقات، فالجميع يعاني من تداخل المسابقات المحلية ناهيك عن البطولة الآسيوية فهذه المشكلة تحدث تشتيت للجهاز الفني وحتى اللاعب نفسه، فتجده تارة يخوض غمار بطولة الدوري ومن ثم ولي العهد والآسيوية وكأس الملك، فمن المستحيل على اللاعب السعودي أن يلعب 3 مباريات في الأسبوع أو 7 إلى 8 مواجهات في الشهر، كان ينبغي على هذه اللجنة أن تدرك جيدا أن اللاعب السعودي يختلف عن اللاعب الأوروبي وتراعي الفرق الشاسع بينهما من حيث نظام التغذية والنوم، فالاحتراف عندنا قياسا بأوروبا يشكل ما نسبته 25% فقط وحتى لو وصلنا 75% لن نكون على قدر الاحتراف الكامل. لاعبون مدللون ● هل برأيك ذلك سبب في تراجع الكرة السعودية؟ - هذا السؤال مهم ويحتاج لتفاصيل دقيقة في الإجابة، تخبط اللجان جزء من المشكلة ولكنه ليس كل شيء، وبرأيي أن السبب الأبرز هو أن اللاعب يأخذ أكثر مما يعطي، وهذا الأمر لا تجده إلا هنا بالسعودية، فطريقة تقييم اللاعب للأسف تقوم على المباراة الواحدة وليس على المستوى العام والعائد الفني والإنجازات، فاللاعب يبدع من مباراة واحدة ثم يصبح حينها النجم الذي لا يشق له غبار ويكثرون عليه من المديح والإطراء حتى يتم القضاء عليه وعلى نجوميته وهذا خطأ كبير، فضلا عن المدربين الذي يحبطون نجومية البعض ويدمرون آخرين بحرقهم مبكرا خاصة في المنتخب. ● هل من الممكن أن نلقي باللائمة على المدربين؟ - نعم وعلى سببيل المثال للتخبط الفني، ما يحصل للاعب ياسر الشهراني الذي تجده مع مدرب ظهيرا أيمن ومدرب آخر في اليسار ثم في الوسط، ياسر موهبة ينبغي الحفاظ عليها والحرص على استقرارها فكيف يقدم النجم عطاءه للمنتخب وهو بهذا التشتيت الذهني، والدليل أن مدرب الهلال الجديد لم يشرك الشهراني لإراحته من الإرهاق والتشتيت الذي حصل له، هناك مدربون أذكياء يعرفون كيف يرتقون باللاعبين مثل الأرجنتيني «خورخي سولاري» والذي أشرف علينا أبان مشاركتنا في كأس العالم 94 فهو مدرب اعتمد على التكوين الجسماني واللياقة العالية للاعب لذلك نجده لم يعتمد على التيماوي والمهلل والغشيان الذين يتمتعون بمهارات عالية بل اعتمد على لاعبين مغمورين مثل لاعب نادي الرياض طلال الجبرين ولاعب أحد حمزة إدريس قبل انتقاله للاتحاد، وصنع من متوسط قلب الدفاع عبدالله سليمان ظهيرا أيمن ظهر بمستويات مميزة في تلك البطولة وهذا هو سر تميزنا في مونديال 94، أما الآن للأسف تجد اللاعب ضعيفا بدنيا ولا يكمل 3 مباريات متتالية إلا بتعرضه لإصابة والدليل انتشار الرباط الصليبي بين لاعبينا، ومثلا الآن لا تجد فريقا سعوديا يلعب بطريقة 3-5-2 وهذا يدل على انخفاض الجهد اللياقي والبدني للاعب السعودي، ما يعني أن المدربين السابقين للمنتخب خصوصا البرازيليين عندما يحضرون فهم يبدأون من الصفر معنا على أساسيات كرة القدم فتجده يأخذ المدافعين ويدربهم على التدخل واستخلاص الكرة من الخصم والمهاجمين على الارتقاء والتصويب بالرأس، ويتعلم الحارس توقيت خروجه وصناعة الهجمة من الخلف وباختصار المدرب البرازيلي كان سابقا يرهقنا في هذا الجانب، أما الأوروبي يقول جئنا لتدريب فريق جاهز.