المواجهة كانت ساخنة وعلى أشدها أول أمس بين داوود الشريان في برنامجه الثامنة ورئيس جمعية البر في مكة، وكان الموضوع عن سكن جمعية البر، وكيفية تعامل القائمين على الجمعية مع النزيلات في هذا السكن والذي وصل -على حد ادعاء مقدم برنامج الثامنة ومن أحضرهم من الشهود- إلى قيام إدارة الجمعية بطرد بعض النزيلات وتهديدهن باللجوء للشرطة أو المحاكم لإخراجهن من سكن الجمعية الخيري. اشتد النقاش بين رئيس الجمعية ومقدم البرنامج حتى وصل أن طلب الشريان وعلى الهواء من رئيس الجمعية ترك عمله ومنصبه كرئيس للجمعية وقدم ذلك على شكل نصيحة حفاظا على سمعته وسمعة والده في مكة -على حد قول الشريان. أحضر مقدم الثامنة بعض النزيلات الكبيرات في السن ليحكين ما حدث معهن من ظلم بسبب قرارات إدارة الجمعية القاسية والتي لا تراعي حاجتهن وعوزهن، واتهم معد البرنامج رئيس الجمعية بأنه جلب خمسة من أقربائه ونسبائه لمجلس إدارة الجمعية وعدد أسماء بعضهم وهذا -على حد قوله- يتنافى مع ما كان يجب أن يكون، وبالمقابل دافع رئيس الجمعية عن نفسه وإدارته وأنكر وجود خمسة من أقربائه، وأقر بأنهم اثنان فقط في إدارة الجمعية وأن وجودهما نظاميا وطبقا لأنظمة الجمعيات الخيرية، وأن لديه في الجمعية 23 برنامجا غير السكن لم تناقش وما تقدمه من خدمات الكل يشهد لها، وقد صرف على هذه البرامج 28 مليونا. حلقة الثامنة عن جمعية البر في نظري أخذت أبعادا ما كان يجب أن تأخذها، فالحلقة لم تكن إلى ما وصلت إليه عملا إعلاميا صرفا وكانت شبيهة بالمحاكمة على الهواء، فالشريان ومن معه من شهود رسموا صورة مأساوية تجعل من في قلبه ذرة رحمة، يتعاطف مع هؤلاء النزيلات الذي صور لنا البرنامج كيف طرد بعضهن من سكنهن ورميهن في الشارع، وبناء على ذلك أطلق الحكم النهائي وكأنه حكم لمحكمة عليا غير قابل للتمييز بأن مجلس إدارة الجمعية مذنب وأن مجموعة من الأقارب والأرحام يسيطرون عليه، ولهذا يجب أن يترك رئيس مجلس الإدارة منصبه وكذلك مدير الجمعية، وأن الجهات العليا كالوزارة والإمارة يجب أن تتدخل، بل وكرر الشريان أنه لن يترك الجمعية وسيظل يكشف ما فيها من تجاوزات رغم أنه ذكر في الأخير استعداده للاعتذار إذا ثبت عكس ذلك. وهنا أؤكد أنني لست ضد أو مع ما طرحه مقدم الثامنة الشريان بقدر طرح التوصيف الفعلي لما حدث ضد جمعية البر في مكة وعلى الهواء مباشرة. رئيس جمعية البر في مكة وكل من معه في مجلس الإدارة في وضع لا يحسدون عليه، فقد تحول عملهم وتطوعهم الخيري إلى فضيحة لهم ولأسرهم وقد يكون هذا لتعظيم أجرهم، فالعمل الخيري للأسف اليوم محفوف بالمخاطر والمشاكل، ولعدم تجميل الوضع، المجتمع في العادة قاس في حكمه ولا يرحم ومن لم يوفق في العمل الخيري سيتحول سعيه واجتهاده إلى شكوك وظنون واتهامات لا تنتهي، وتظل هذه الاتهامات وصمة عار يستخدمها البعض لأغراضه الشخصية، ولذلك أنصح إخواننا في إدارة جمعية البر في مكة بالنشر الإعلامي الرسمي لكل إنجازات الجمعية وبالأخص إنجازات مجلس الإدارة الحالي، وليداووها بما كانت هي الداء، وطالما أن الأمر وصل إلى هذا الحد الإعلامي الذي قد يسيء إلى سمعة القائمين على الجمعية، فيجب أن يواجه بما يثبت ويكذب كل ما طرح لأن ليس للإنسان أغلى من سمعته.