على طريقة الصناعي الأمريكي أندرو كارنيجي «لا يمكن لأحد أن يصبح قائدا ناجحا، إن أراد أن ينجز العمل لوحده، أو أراد أن تنسب كل الإنجازات له»، بدأ وزير التربية والتعليم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ميدانيا في مواجهة التحديات التسع التي أقلقت الوزارة خلال السنوات الماضية، والتي كشف عنها الوزير الأسبق الأمير فيصل بن عبدالله لدى استضافته في مجلس الشورى (18 محرم 1434 ه)، حيث جاء قرار الفيصل بارتباط مديري التعليم بالوزير مباشرة، ومنحهم 165 صلاحية، منها 83 صلاحية لمديري التربية والتعليم في المناطق و82 صلاحية لمديري التعليم في المحافظات، استكمالا لخطة الوزارة الاستراتيجية نحو اللامركزية التي تهدف لتوحيد السياسات والإجراءات، والتوسع في صلاحيات مديري إدارات ومكاتب التربية والتعليم في المناطق والمحافظات ومديري ومديرات المدارس لزيادة الكفاءة والفاعلية وسرعة الاستجابة للمتطلبات المختلفة بهدف تسيير العمل فيها وإعطاء مزيد من المرونة في اتخاذ القرارات التي تخدم العملية التربوية، وذلك في نقلة نوعية يجب أن تستكمل بمنح صلاحيات حركة النقل الخارجية بين إدارات التربية وفق برنامج مطور ومختلف عن البرنامج الحالي. حزمة التمكين وكانت حزمة التمكين التي أصدرها الفيصل بهدف إيقاف التحديات التي تواجه التعليم بالمملكة في 165 صلاحية لمعالجة بطء اتخاذ القرارات والإجراءات الداخلية للوزارة التي واجهتها خلال السنوات الماضية والحجم الكبير للوزارة، حيث وصل العدد الإجمالي من المعلمين والموظفين بحسب تقرير التربية لعام 1434ه إلى أكثر من 700 ألف وهذا يتجاوز 50 في المائة من موظفي الدولة المدنيين المسجلين في وزارة الخدمة المدنية، وتدني مستوى نسبة من المعلمين يصعب تحويل وظائفهم، وكذلك صعوبة الحصول على الأراضي المدرسية وقيام الوزارة بمهام متعددة كالنقل المدرسي، والتغذية المدرسية، وإنشاء المباني المدرسية وتجهيزها وصيانتها وترميمها، وغيرها، والنظر من فئات عديدة إلى الوزارة بوصفها جهة توظيف وإغفال كونها جهة تعليمية، أساس نجاحها المعلم الكفء والمتميز ومقاومة بعض الفئات داخل الوزارة وخارجها للتغيير والتطوير، والتحدي الأخير ضعف دور الأسرة ومشاركتها مع المدرسة، بالإضافة لسلبيات الطرح غير المنطقي في الصحف ومواقع الإنترنت المختلفة وتضخيم النقص والقصور، وتجاهل الإنجازات الكبيرة التي تحققت من قبل الوزارة وإدارات التربية والتعليم، بالإضافة لتحديات العولمة والتنافسية والثورة المعرفية. الوزارة جهاز تخطيطي جاءت حزمة تمكين مديري عموم التربية والتعليم تنفيذا لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - نحو إلزام الوزارات الحكومية بتطبيق اللامركزية، حيث كانت وزارة التربية والتعليم وعلى مدار سبع سنوات ماضية رائدة في صناعة القدرات الإدارية والتعليمية والتربوية رغبة في أن يتجه جهازها لوضع السياسات والتخطيط والإشراف العام، فيما تتجه إدارات التربية والتعليم إلى تولي كثير من الجوانب والممارسات التنفيذية. تنافسية الإنجاز ومن خلال هذا القرار الاستراتيجي وضع الفيصل غايات مرجوة لمواجهة التحديات عبر تقديم خدمات تعليمية ذات جودة عالية ومراعاة الامتداد الجغرافي للمملكة وتباعد المجموعات السكانية، كما واجه قرار منح الصلاحيات بصورة دقيقة النمو السكاني العالي لهذا الوطن، بالإضافة إلى قدرته في رفع الوعي الثقافي للمجتمع ليكون متكاملا مع معطيات العصر بإيجابية وتحقيق التوازن والمحافظة على هوية المجتمع وثقافته، والانفتاح على العالم ومتغيرات القرن الحادي والعشرين وتعزيز دور المملكة لتكون رائدة للعلم والمعرفة في العالم العربي والإسلامي، وخلق تنافس تربوي تعليمي تنموي في لغة الإنجاز والابتكار بين 45 إدارة تربية وتعليم تقود أجيال المستقبل بصورة تمنح عقول أبنائنا خلال السنوات المقبلة مزيدا من حرية الإبداع الفكري. تفعيل مجتمعات المناطق وبعد هذا القرار وحزم التمكين أصبح مديرو عموم التربية والتعليم في المناطق والمحافظات أمام تفعيل وتحفيز المجتمع للمشاركة في صنع القرار حول التعليم بمناطقهم وتحفيزهم على المبادرة والإبداع وفي الوقت نفسه احترام الخصوصيات المحلية، ومشاركتهم في اتخاذ القرار وتنفيذ المشاريع والإصلاحات في التعليم، بالإضافة لاستغلال حزمة الصلاحيات في أن تكون الوزارة رائدة العمل في المجتمع المحلي، حيث إن أفضل مشاركة للمجتمع مع إدارات التربية والتعليم من خلال تفعيله ومشاركته في اتخاذ القرارات التربوية في مجال المواظبة والأداء والتحصيل لدى الطلبة في المدارس ومحاربة الغياب وهي المشكلة الأزلية التي تواجه المدارس في الآونة الأخيرة. معضلة حركة النقل لم يتبق لوزارة التربية والتعليم في إصلاحاتها الأخيرة سوى معالجة مركزية النقل الخارجي، حيث حان الوقت لأن تتخلى الوزارة عنها من خلال توجيه كل معلم ومعلمة يطلب نقلا للمنطقة التعليمية التي يريدها ومنح هذه المنطقة صلاحية إجراء حركة النقل على مستوى القادمين إليها وفق التخصصات والاحتياج والمؤهل بأسلوب منصف، على أن تكون الوزارة مراقبا وقاضيا منصفا بين المعلم والمنطقة التعليمية التي رغب التوجيه إليها، حيث يكون التنسيق بين المجلس الاستشاري للمعلمين والمعلمات الذي أسس قبل ثلاثة أعوام في كل إدارة من إدارات التربية والتعليم بهدف تعزيز ثقافة الحوار والتشاور بين المعلمين والتعبير عن همومهم ومقترحاتهم، ويجب أن يكون المجلس معززا لدور البيئة الداخلية للنظام التعليمي في بناء الخطط المستقبلية من خلال مشاركتهم في تنفيذ حركة النقل الخارجية التي لا تزال حلول معالجتها غير واضحة.