عادت حوادث المعلمات وطالبات التعليم العام والجامعي إلى واجهة الأخبار خلال الأسبوع الماضي، هي لم تتوقف، وبالتأكيد هناك حادث يومي في إحدى المناطق، لكنه لم يعد خبرا مهما للصحف فيتم تجاهله أو نشره باختصار في موقع لا يجذب عين القارئ، فقط عندما تحدث واحدة من المجازر الصادمة في مكان ما أو تتزامن عدة حوادث في مناطق مختلفة يعود الحديث عن هذه القضية في وسائل الإعلام والتواصل، وهو دائما حديث بكائي حزين، لكنه مؤقت يشبه عويل النائحات على الموتى الذي ينتهي في آخر يوم للعزاء. كانت أيام الأسبوع الماضي حافلة بالوفيات والإصابات البليغة في أكثر من منطقة، صور العباءات والأشلاء والدماء ومحتويات الحقائب المتناثرة انتشرت بكثافة، الموت البشع كان حاضرا على طرق الجنوب والشمال والشرق والغرب، معلمات لم يحصلن على الوظيفة إلا بعد انتظار طويل مرير، وحين جاءت جاء معها الموت ليطوي قيد المعلمة سريعا وإلى الأبد. فتيات صغيرات كالورد الذي ما زالت أوراقه تتفتح اختلطت أجسادهن الممزقة في بحيرات الدم، وغرقت فيها ضفائرهن وأقلامهن ودفاترهن. هكذا وبكل عبثية يصر هذا المسلسل التراجيدي على الاستمرار من أول يوم في العام الدراسي إلى نهايته، ونحن نعيد الكلام نفسه والشكوى نفسها، لكن شيئا لم يحدث للتخفيف من هذا النزيف. نحن المتصدرون العالميون في وفيات حوادث الطرق، وما زلنا محافظين على هذه الصدارة بإصرار وجدارة، لكن حوادث المعلمات والطالبات ليست مسؤوليتهن، كما قد نلوم غيرهم بسبب التهور واللامبالاة، إنها مسؤوليتنا لأننا لم نوفر الحلول العملية، ولم نفكر فيها بشكل جاد يليق بكرامة روح الإنسان. لماذا لا نسمع عن حوادث شبه يومية للمعلمات والطالبات في دول سكانها مئات الملايين. هذا هو السؤال الأساسي الذي لو أردنا تفكيكه بأمانة وتحمل للمسؤولية لوصلنا إلى جذر المشكلة واستطعنا إيجاد الحلول. السائق المتهور والطريق السيئ وأنظمة السير الهشة وغياب مراقبة الطرق ومرافق الإسعاف، كل هذه أمور جانبية وبعضها نتائج لأسباب أخرى، لكن الأسباب الأساسية لهذه المأساة لم نحاول كشفها والاعتراف بها وإنهاءها. كل الأرواح التي أزهقت أنتم خصومها أيها المسؤولون عن الحلول ولم تفعلوا.