وحشتيني يا ست الحبايب (الغالية جواهر زين العابدين). ما زلت غير مستوعبة لأحداث كثيرة مرت منذ الوفاة، أتذكرك في كل لحظة وكل ثانية، وأتحدث معك كأنك موجودة معي، عندما أراك تبتسمين لي مرحبة بي، وطلبك لي بقراءة القرآن معك وحينما أقرأ ترددين خلفي وكثيرا ما تسبقينني بالقراءة – على الرغم من أنها لم تكمل تعليمها - إلا أنها حافظة للقرآن الكريم حيث تكمل الآيات التي أقرأها معها من أي سورة في القرآن رغم ضعفها في قراءة أي شيء سوى القرآن. مواعيدي معك لازلت أواظب عليها - رغم الحزن - وكأنك معي لم تغيبي لحظة عني، أتذكر طريقة تعبيرك عن السعادة والفرحة وغناءك معنا حين نتغنى بك بطريقتنا الخاصة، صمتك وصبرك حين تتألمين وترديدك «إنما يوفى الصابرون أجرهم بغيرِ حِسابٍ». أحس بالذنب الكبير والأسف لأني لم أقض كل وقتي معك ورغم ذلك لا أنسى دعائك لي - رغم التقصير – بسعادة الدارين، ولا أنسى آخر يوم لك معنا عندما مرضت وذهابك للمستشفى التخصصي، ثم اليوم التالي حين طلبتنا شقيقتنا الدكتورة ابتسام للحضور سريعا لأنك كنت تعبة. هرولنا مسرعين نكاد لا نرى شيئا حتى رأينا وجهك الحبيب وأنت في النفس الأخير، ناديناك فلم نتلق أي إجابة كان ضغط دمك ضعيفا جدا وتوقف نبضك ولفظت أنفاسك الأخيرة حين رأيتنا أجمعين حتى آخر لحظة أردت الاطمئنان علينا وكانت لحظة صعبة علينا ذرفنا العبرات الغزيرة في صمت وحزن كبير رددنا «إنا لله وإنا إليه راجعون» ورددنا كذلك قول الحمد لله وتسارعت الأحداث، وعدتِ إلى البيت لآخر مرة، ونظرنا إلى وجهك الحبيب وقد ظهرت عليه علامات ذات دلالات جميلة وأنك في رحاب ربك الرحيم وهو ما خفف وطأة الحدث الجلل علينا. كانت لحظة خروجك لصعودك إلى مكة – مسقط رأسك - من أصعب اللحظات، أحسسنا بأن روحنا قد خرجت منا، ودفنت في يوم الأم الجمعة المبارك (21/3/2014). ومن فضل الله عليكِ أنه تمت الصلاة عليكِ فجرا في المسجد الحرام، وكان هناك عشرات الآلاف من المصلين والمعتمرين ممن دعوا لك بالمغفرة والرحمة. ولله الحمد والمنة. بدأت أيام العزاء الثلاثة وكانت صعبة علينا جدا لكن آخر ليلة كانت أصعبها لأننا أستوعبنا أنكِ تركتنا وتركت لنا فراغا كبيرا لا يملأه إلا إيماننا الكبير بأننا سنلتقي في جنة الخلد بإذن الله. ست الحبايب بوفاتك أغلق باب من أبواب الجنة نسأل الله أن يفتح لنا أبواب رحمته وأن يرزقنا برك وبر والدنا الحبيب.