يهوى أن يناديه أصدقاؤه وأصحابه ب«الملازم»، برغم أنه تقاعد مبكرا لإصابة تعرض له. هو ملازم طيار في قوات الدفاع الجوي، خريج الكلية العسكرية بامتياز. الشاب النابه محمد الشريف الذي اعتزل عمله الرسمي بعد إصابته بكسر كبير في العمود الفقري إثر حادث مروري مؤسف قبل نحو 9 سنوات، وهو الأمر الذي أجبره على التقاعد المبكر. إرادة الملازم الطيار السابق لم تنكسر مع كسر عموده الفقري، استند إلى نبوغه وتخرجه بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى وتجاوز المصاعب الكبيرة التي تعرض لها وواصل حبه وممارسته للطيران، ليصبح أول شخص على مستوى الشرق الأوسط يقود طائرة شراعية باستخدام يديه، في حين أن الآلية المستخدمة للطائرة الشراعية هي الأرجل فقط!. محمد الشريف (29 عاما)، من سكان العاصمة الرياض، أخصائي علاج بالترفيه ومدرب مهارات استخدام الكرسي المتحرك في مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز، يتحدث عن تجربته في الطيران الشراعي ليقول: إن تجربته مع الطيران الشراعي نبعت أصلا من كونه طيار، بالرغم من أنه أحيل إلى التقاعد المبكر. ابتكر الشريف طائرة شراعية تعتمد آليتها على استخدام الأيدي لتتناسب مع حالته الصحية وعجزه في رجليه. والطائرة تتواءم مع قدرات أصحاب الاحتياجات الخاصة، ليسجل الشريف أول حالة من فئة ذوي الإعاقة على مستوى المملكة كطيار شراعي. وها هو اليوم يعود لهوايته كمدرب طيران في أكاديمية للطيران بالعاصمة. يضيف الشريف متحدثا هذه المرة عن نفسه، الطيران عادة وهواية أسبوعية أمارسها بصحبة العائلة في عطلة نهاية كل أسبوع. وللأسف أن نظرة البعض لأصحاب الإعاقات لا تخرج عن اثنتين، إما أن تكون نظرة شفقة أو نظرة إحسان وعطف تفتقر إلى الواقعية، بحيث يثنى على صاحب الإعاقة في أي نشاط يمارسه داخل إطار الحياة اليومية الروتينية، فلا إفراط ولا تفريط. أما النظرة الحقيقة المثالية لهذه الفئة، فينبغي أن تكون متوازنة لا تختلف عن النظرة للشخص الطبيعي، فمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة أو غيره من المسميات التي تعود لنفس الفئة، ما هي إلا تعبير عن احتياجات طبية لا يصح إشاعتها وتداولها المتكرر بشكل مستمر بين أفراد المجتمع. ويستطرد الشريف: إن المعاق لا يختلف عن نظيره المعافى، وإن كانت واضحة ومقتصرة على الجانب الصحي في حياة الأول، فالمعاناة والألم والتعب والمشاكل مخلوقة في حياة كل البشر وهي سنة كونية لا مفر منها، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، حيث كانت حياته مليئة بالمصاعب التي لا يقوى على تحملها البشر. ويلفت إلى أنه تجاوز الألم والإعاقة بإصرار لا ينقطع، مطالبا في الوقت ذاته الجميع التشبث بالصبر والأمل.